قوله: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ }. قال بعض المفسّرين: لما نزلت هذه الآية:{ وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [الأنعام:152]، و[الإِسراء:34] [اشتدّت عليهم] فكانوا لا يخالطونهم في المال ولا في المأكل، ثم أنزل الله هذه الآية فنسختها. قال: { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ } [فَرَخص لهم]. قال الحسن: { إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ } أي توفير لأموالهم خير، والله يعلم المفسد الذي يأكل يتيمه ولا يكافيه من المصلح. قال: { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَعْنَتَكُمْ } أي لترككم في المنزلة الأولى لا تخالطونهم، فكان ذلك عليكم عنتاً شديداً والعنت الضيق. وقال بعض المفسّرين: { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَعْنَتَكُمْ } أي: لجهدكم، فلم تقوموا بحق، ولم تؤدوا فريضة. وقال مجاهد: { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ } في الدين. ويعني بالمخالطة مخالطة اليتيم في الراعي والإِدام. قال: { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَعْنَتَكُمْ } فحرّم عليكم الراعي والإِدام. قال: { إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }. قوله: { وَلاَ تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ } يتزوجها المسلم إذا لم يجد طولاً { خَيْرٌ مِّن مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ }. ثم نسخ منها المشركات من أهل الكتاب الحرائر في سورة المائدة، وأحل نساء أهل الكتاب فقال:{ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } [المائدة:5] والمحصنات في هذه الآية: الحرائر؛ فلا يحل تزويج الإِماء من أهل الكتاب، وتوطأ بملك اليمين، لأن الله يقول:{ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المُحَصَناتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ } [النساء: 25]. ولا توطأ الأمة من المشركات من غير أهل الكتاب حتى تسلم، ولا تنكح حرة منهن حتى تسلم. قال الحسن: إذا قالت لا إله إلا الله وطئها. قوله: { وَلاَ تُنكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا } فحرّم الله أن يتزوّج المسلمةَ أحدٌ من المشركين. وهو قوله:{ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحلُّونَ لَهُنَّ } [الممتحنة:10]. قوله: { وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ } تتزوجه المسلمة { خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ } قال بعض المفسّرين: ولو قال: أنا ابن فلان بن فلان { أُوْلَئِكَ } يعني المشركين، { يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ } أي بأمره. { وَيُبَيِّنُ ءَايَاتِهِ } أي الحلال والحرام { لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي لكي يتذكّروا. قوله: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } قال الحسن: إن الشيطان أدخل على أهل الجاهلية في حيض النساء ما أدخل على المجوس؛ فكانوا لا يجالسونهن في بيت، ولا يأكلون معهن ولا يشربون. وقال بعضهم: كان أهل الجاهلية لا تساكنهم حائض ولا تؤاكلهم في إناء. قال الحسن: فلما جاء الإِسلام سأل المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله: { قُلْ هُوَ أَذًى }؛ أي: قذر { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ } أي: في الدم { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ }.