الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

قوله: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ } أي فرض عليكم القتال { وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }.

قال الحسن: إذا أتيت ما أمر الله من طاعته فهو خير لك، وإذا كرهت ما نهاك الله عن معصيته فهو خير لك. وإذا أصبت ما نهى الله عنه من معصيته فهو شرّ لك، وإذا كرهت ما أمر الله به من طاعته فهو شر لك. وكان أصل هذا في الجهاد. كان المؤمنون كرهوا الجهاد في سبيل الله وكان ذلك خيراً لهم عند الله.

قال الكلبي: وكان هذا حين كان الجهاد فريضة، فلم يقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أظهر الله الإِسلام فصار الجهاد تطوّعاً. فإن جاء المسلمين عدو لا طاقة لهم به تحيزوا إلى البصرة. وإنما قالوا تحيزوا إلى البصرة، لأنه كان بالبصرة. فإن جاءهم عدو لا طاقة لهم به تحيزوا إلى الشام، فإن جاءهم عدوّ لا طاقة لهم به تحيّزوا إلى المدينة. فإن جاءهم عدو لا طاقة لهم به فليس ثَم تحيّز وصار الجهاد فريضة.

ذكروا أن رجلاً سأل بعض السلف أيام الكرك، وكانوا قد دخلوا يومئذ في جدة فقال: إن لي والدة أفأخرج إلى قتال الكرك. قال: كنا نقول: إذا هجم عليكم العدو فقد وجب عليك القتال.

وقال الكلبي في قوله: { وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } أي: علم أنه سيكون منكم من يقاتل في سبيل الله فيستشهد.

قوله: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ } قال الحسن: إنما سألوا عن قتال فيه. وهذا تقديم وتأخير: يقول: يسألونك عن الشهر الحرام وعن المسجد الحرام عن قتال فيه. وذلك أن مشركي العرب " سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهر الحرام عن قتال فيه، ليعلموا أهو على تحريمه ذلك أم لا؛ فقالوا: يا محمد، أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام؟ فقال:نعم " ،فأرادوا إن كان على تحريمه اغتزوه فقاتلوه. فقال الله: { قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } وهذا منسوخ، كان قبل أن يؤمر بقتالهم عامة. { وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ } أي كفر بالله { وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللهِ } اي: إخراج أهل المسجد الحرام، وهو الحرم كله، يعني إخراج النبي والمؤمنين ـ أخرجهم المشركون ـ أكبر من قتالهم. فقال الله:الشَّهْرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحَرَامِ وَالحُرُمَاتُ قِصَاصٌ } [البقرة:194]. ذكر الحسن قال: { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } فاسْتَحَلّوا منكم القتل { فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ } أي: فاستحِلوا منهم، أي جاوزوا ما كنتم تحرِّمون منهم قبل ذلك.

قال بعض المفسّرين: ذكر لنا أن واقد بن عبد الله التميمي، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قتل عمرو بن الحضرمي، رجلاً من المشركين، في أول يوم من رجب، فعيّر المشركون أصحاب النبي عليه السلام، فأنزل الله { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ }.

السابقالتالي
2