الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

قوله: { سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ ءَاتَيْنَاهُم مِّنْ ءَايَةٍ بَيِّنَةٍ } قال الحسن يعني ما نجاهم الله من آل فرعون، وفلق لهم البحر، وظلل عليهم الغمام وآتاهم بيّنات من الهدى، أي: بيّن لهم الهدى من الكفر. وقال بعضهم: أراهم الله عصا موسى ويده، وأقطعهم البحر، وأغرق عدوّهم وظلّل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنّ والسلوى.

قال: { وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ } أي يكفرها، يقول: بدّلوا ذلك واتخذوا اليهودية والنصرانية. { فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ } يخبر الله أنه ستشتد نقمته على اليهود والنصارى الذين بدَّلوا دين الله، وكل من يفعل ذلك.

قوله: { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا } في طلبهم الآخرة؛ يقول بعضهم لبعض: انظروا إلى هؤلاء الذين تركوا الشهوات يطلبون بذلك، زعموا، نعيماً في الآخرة.

قال الله: { وَالَّذِينَ اتَّقَوْا } وهم المؤمنون { فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي: خير منهم يوم القيامة. وقال الحسن: أعطاهم الله الدولة عليهم فيسخرون منهم ويضحكون كما كان الكفار يضحكون منهم في الدنيا. وهو قوله: { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا يَضْحَكُونَ }.... إلى آخر الآية. قال:فَالْيَوْمَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنَ الكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } [المطففين:29-34]. بلغنا أن هذا في أصحاب الأنبياء. وبعضهم يقول: أصحاب النبي.

ذكر بعضهم أن كعباً قال: إِن بين الجنة وبين النار كوى؛ فإذا أراد الرجل من أهل الجنة أن ينظر إلى عدو له كان في الدنيا من أهل النار اطلع فرآه، وهو قوله: { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا } أي أشركوا { كَانُوا مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا يَضْحَكُونَ }... إلى آخر الآيات. قال بعض المفسّرين: هي مثل قوله في الصّافّات: { قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } أي صاحب { يَقُولُ } لصاحبه المؤمن في الدنيا:إِنَّكَ لَمِنَ المُصَدِّقِينَ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } [الصافات:51-55]. قال بعضهم: كان شريكه، وقال بعضهم: كان أخاه، ورثا مالاً. وتفسير أمرهما في سورة الكهف.

قوله: { وَاللهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي لا ينقص ما عند الله كما ينقص ما في أيدي العباد.