قوله: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } أي بالمؤمنين من عباده. قال: إن المؤمن دعا الكافر إلى طاعة الله فأبى، فشرى المؤمن نفسه بالجنة، أي باع نفسه بالجنة فاشتراها. قال: { ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ } بالجهاد في قتال المشركين. وهو مثل قوله:{ إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } [التوبة:111]. وقال بعضهم: إن أصحاب النبي من المهاجرين والأنصار، لما رأوا المشركين يدعون مع الله إِلهاً آخر، شروا بأنفسهم غضب الله، وجاهدوا في سبيل الله حتى أظهر الله دينَه. قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } والسلم: الإِسلام قال الحسن: هو مثل قوله:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَءَامِنُوا بِرَسُولِهِ } [الحديد:28]، ومثل قوله:{ اتَّقُوا اللهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة:119] أي المؤمنين الذين صدقوا في قولهم وفعلهم، أي أَكمِلوا الدين ولا تنقصوه فإنكم لا تستوجبون ثوابه إلا بالإِكمال والوفاء. وقال الحسن: هو كقوله:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ } [الأحزاب: 1] ولا يجعلها من هذا الوجه. وقال الكلبي: { ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } ، يعني شرائع الإِسلام، كأنه يقول: استكملوا الإِيمان. قوله: { وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } أي أمر الشيطان. وهو أن يأخذوا شرائع دينهم الأول. { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أخبرهم أن الشيطان لهم عدو مبين، أي بيّن العداوة. { فَإِن زَلَلْتُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ } يعني بالزلل الكفر قال بعض المفسّرين: أنزلها الله وقد علم أنه سيزلّ زالّون. وقال بعضهم في تأويل خطوات الشيطان قال: هي العداوة والمعاصي. وقال بعضهم { ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } أي: في الإِسلام جميعاً. قوله: { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ } أي: في نقمته { حَكِيمٌ } أي: في أمره. وقال السدي: تفسير العزيز: هو المنيع في نقمته.