قوله: { الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ } ذكر جماعة من العلماء أنها شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ } أي فمن أَوجب فيهن الحجَّ. ذكر بعضهم أن عكرمة لقى أبا الحكم البجلي فقال: أنت رجل سوء، يقول الله: { الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ } ، وَأَنْتَ تُهِل بالحج في غير أشهر الحج موجهاً إلى خراسان أو إلى كذا وكذا. ذكروا عن جابر بن عبد الله أنه قال: لا يهل بالحج في غير أشهر الحج. ذكر أنه ذكروا للحسن رجلاً يحرم من السنة إلى السنة، فقال: لو أدركه عمر بن الخطاب لأوجع له رأساً. وقال: في أي شهر أحرم فقد وجب عليه الإِحرام؛ وأحسن ذلك أن يكون في أشهر الحج. قوله: { فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } ذكر عطاء عن ابن عباس أنه قال: الرفث: الجماع، والفسوق: المعاصي، والجدَال أن يُماري بعضهم بعضاً حتى يغضبوا. قوله: { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمُهُ اللهُ } ، يعني التطوّع والفريضة. وهو كقوله:{ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ } [آل عمران:115]. قوله: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }. قال بعض المفسرين: كان أناس من أهل اليمن يحجون ولا يتزوّدون، فأمرهم الله بالزاد والنفقة في سبيله، وأخبرهم أن خير الزاد التقوى. وقال الحسن: يقول: إذا أراد أحدكم سفراً تزوّد لسفره خيراً. قوله: { وَاتَّقُونِ يَا أُْولِي الأَلْبَابِ } يعني يا أولي العقول، وهم المؤمنون. { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } ذكر عن عبيد الله بن أبي يزيد أنه قال: سمعت عبد الله بن الزبير، وبلغه أن أناساً يأنفون من التجارة في الحج فقال: يقول الله: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } يعني به التجارة في مواسم الحج. ذكروا عن الحسن أنه كان لا يرى بأساً بالتجارة في الحج، في الفريضة وغيرها. قوله: { فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ }. ذكر بعض المفسّرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفات بعد غروب الشمس. ذكر بعضهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تدفعوا حتى يدفع الإِمام فإنها السنة ". ذكر عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاض من عرفات قال: " يا أيها الناس عليكم بالسكينة، لا يشغلنّكم رجل عن الله أكبر ". ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل عرفة موقف، وارتفعوا عن عرَنَة، وكل جمع موقف، وارتفعوا عن محسِّر ". ذكروا أن عمر بن الخطاب أفاض من عرفات وبعيره يجتر، أي: إنه سار على هيئته. ذكروا عن ابن عباس أنه قال: عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن عُرَنة.