قوله: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ }. فهؤلاء أهل الكتاب الذين حرّفوا كتاب الله. وهو كقوله:{ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ } [التوبة:34]. وكانت لهم مأكلة من السلطان وكانوا يضعون لهم ما يهوون. وقوله: { مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ } ، يقول: فسوف يأكلون به النار. وقوله: { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي: بما يحبون؛ وقد يكلّمهم ويسألهم عن أعمالهم ويأخذهم بها. وقال بعضهم: { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي لا يدخل عليهم الملائكة بالسَّلام من الله؛ فأضاف ذلك السلام الذي هو كلام الملائكة أنه كلامه؛ أي: فلا تأتيهم الملائكة بكلام الله الذي هو السلام. ولا يزكيهم، أي لا يطهرهم من آثامهم. ولهم عذاب أليم؛ أي: موجع. وقال بعضهم: أي ولا يثني عليهم بخير ولا يمدحهم، لأن التزكية ثناء ومدح. وكل ما تأولوا في هذا جائز صحيح.