الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } أي ما يأمركم به الشيطان { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي: بَيِّن العداوة وقال بعضهم: خطوات الشيطان: ما حرَّم عليهم من الحرث والأنعام. { إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي ما لا تعلمون أنه الحق.

قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا } أي: ما وجدنا عليه آباءنا، وهم مشركون بالله. قال الله: { أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }. وهذا على الاستفهام. أي: أيتبعونهم ولو كانوا لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون؟ يُسفِّه بذلك عقول الأبناء إذا تبعوا الآباء، وهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون.

قوله: { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فيما يدعوهم إليه النبي { كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً } أي مثلهم كمثل الراعي الذي يصيح بالبعير والشاة. وقال الحسن: كمثل الراعي الذي يصيح بالغنم فترفع رؤوسها لا تدري ما يقول. ثم تضع رؤوسها. قال: فكذلك هم إذا دعوا إلى الهدى. وقال مجاهد: هو دعاء النعق بآلهتهم.

قوله: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }. قال: صمّ عن الحق. أي: عن الهدى فلا يسمعونه، وبكم عنه فلا ينطقون به وعمي عنه فلا يبصرونه.

قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } يعني: بالطيبات الحلال. وذلك لما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام والحرث. مثل قوله:وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا... } إلى آخر الآية [الأنعام:136]. وهو كقوله:قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ } [يونس: 59]. فأمر الله المؤمنين أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم، وأخبرهم أنه { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ } يعني ذبائح المشركين إلا من كان من أهل الكتاب؛ قال في سورة المائدة:وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } [المائدة:5]. والطعام هاهنا هو الذبائح.

قوله: { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ } يأكل حتى يشبع ولا يتزوّد. وقال بعضهم: يأكل ما يزوّد به نفسه ولا يشبع. { إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

وقال بعضهم: غَيْرَ بَاغٍ: أي في أكله، وَلاَ عَادٍ: أي: لا يتعدى حلالاً إلى حرام وهو يجد عنه مندوحة قوتاً أو قوة. وقال الحسن: { غَيْرَ بَاغٍ }: يحمله على أكله ابتغاء الاثم على غير اضطرار منه إليه، { وَلاَ عَادٍ } ، أي: لا متعد لما أحل الله له من ذلك عند الاضطرار منه إليه، فيحرمه وهو موضوع عنه.

السابقالتالي
2