قوله: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }؛ يعني بذلك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب. قوله: { وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا } قالت اليهود: كونوا يهوداً تهتدوا، وقالت النصارى: كونوا نصارى تهتدوا. قال الله: { قُلْ } يا محمد { بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ }. أي إن اليهود والنصارى مشركون. قال الحسن: حنيفاً مخلصاً. وقال الكلبي: الحنيف المسلم. قال الحسن: ثم أمر الله المؤمنين أن يقولوا: { ءَامَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ }. والأسباط: يوسف وإخوته الاثنا عشر { وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }. قال: { فَإِنْ ءَامَنُوا } أي أهل الكتاب { بِمِثْلِ مَا ءَامَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } أي في فراق الإِيمان. قال الحسن، فجعل الله ذلك، يعني هذه الآية، محنة فيما بين المسلمين واليهود والنصارى. وسئل بعض السلف فقيل له: إن قوماً يجالسوننا فيقولون لنا: أمؤمنون أنتم؟ فقال: إذا قالوا لكم ذلك فقولوا: { آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل... } إلى آخر الآية. وقال الحسن في قوله: { وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } ، قال: الشقاق هو التعادي إلى يوم القيامة. وقال بعضهم: الشِقاق هو الفراق، والفراق هو العداوة. وقوله: { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ } أي حتى يظهرك عليهم وينصرك، فيكونوا من تحت يديك { وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ }.