الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ }

قوله: { وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ } أي: مجمعاً لهم. وقال بعضهم: يثوبون إليه كل عام. وهو قول الكلبي.

قوله: { وَأَمْناً }. كان ذلك في الجاهلية؛ لو أن رجلاً جَرَّ كل جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يطلب ولم يُتناول. وأما في الإِسلام فإن الحرم لا يمنع من حدٍّ؛ من قَتل قُتِل ومن أصاب حداً أُقيم عليه.

وذكروا عن ابن عباس أنه قال: إذا أصاب الرجل حداً ثم لجأ إلى الحرم فإنه لا يُبَايَع ولا يُجالَس ولا يُؤْوَى حتى يخرج من الحرم؛ فإذا خرج من الحرم أقيم عليه الحدّ.

قوله: { وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً } أي موطىء قدميه.

ذكر بعضهم أنه قال: أمروا بالصلاة عنده ولم يؤمروا بمسحه. ولقد تكلفت هذه الأمة أشياء ما تكلفها الناس قبلهم؛ ما زالوا يمسحونه مسحاً وإن أثر قدميه وعقبيه فيه حتى اخلولق وامّحى.

ذكروا عن ابن عباس أنه قال: مقام إبراهيم الحرم كله.

ذكروا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن إبراهيم، لما استأذن سارة في زيارة إسماعيل وهاجر فأذنت له، اشترطت عليه ألا ينزل. فقدم وقد ماتت هاجر، فانتهى إلى بيت إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ فقالت له: ليس هو ها هنا. وكان يخرج من الحرم ويتصيّد؛ فقال لها إبراهيم: هل عندك من ضيافة؟ هل عندك طعام؟ هل عندك شراب؟ قالت: ليس عندي شيء. قال لها: إذا جاء صاحبك فأقريه السلام، وقولي له فليغير عتبة بابه، ثم ذهب.

فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه إبراهيم. فقال لها: هل جاءك أحد؟ فقالت: جاءني شيخ كذا وكذا، كأنها مستخفه بأمرة. قال: فما قال لك؟ قالت: قال: قولي له: غيّر عتبة بابك فطلَّقها وتزوّج أخرى.

ثم إن إبراهيم استأذن سارة بعد ذلك فأذنت له، واشترطت عليه أن لا ينزل. فجاء حتى انتهى إلى بيت إسماعيل فقال لامرأته: أين صاحبك؟ فقالت: ذهب إلى الصيد، وهو يأتي الآن إن شاء الله، انزل يرحمك الله. قال: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم. قال: هل عندك خبز؟ قالت: لا. قال: هل عندك بر؟ قالت: لا. قال: هل عندك شعير؟ قالت لا؛ وجاءته بلبن ولحم. فدعا لها بالبركة في اللبن واللحم اللذين جاءته بهما؛ ولو جاءته يومئذ ببر وشعير لكانت أكثر أرض الله براً وشعيراً. قالت: فانزل حتى أغسل رأسك. فلم ينزل. فجاءته بالمقام فوضع عليه إحدى قدميه، فغسلت أحد شقي رأسه، وبقي أثر قدمه فيه. ثم حولته إلى الجانب الآخر، فوضع قدمه الأخرى على المقام فغسلت شق رأسه الآخر وبقي أثر قدمه فيه.

ذكروا عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة قبل حجته طاف بالبيت، فمشى إلى المقام وهو يقول: { وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً } ، فصلى خلفه ركعتين قرأ فيهما: { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } و { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ }.

السابقالتالي
2