قوله: { وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى } يعني بذلك العامة منهم، لأنه قد تسلم الخاصة منهم. وهذا الحرف من العام والخاص. { حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى } أي: إن الدين دينُ الله، وهو الإِسلام الذي أنت عليه. { وَلَئِن اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } يثبّته بذلك، وقد علم ـ جلّ جلاله ـ أنه لا يتَّبع أهواءهم. قوله: { الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ }. قال بعضهم: يقرأونه كما أنزله الله، ولا يحرّفونه عن مواضعه. وقال بعضهم: هؤلاء أصحاب النبي عليه السلام؛ آمنوا بكتاب الله وصدّقوا به، فأحلّوا حلاله، واجتنبوا حرامه، واعملوا بما فيه. وذكروا عن ابن مسعود أنه قال: والله إن حق تلاوته أن يُحَلَّ حلالُه ويُحرَّم حرامُه، وأن يُقرأ كما أنزله الله، ولا يُحَرَّفَ عن مواضعه. وقال مجاهد: { يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } أي: يتَّبعونه حقّ اتباعه. قال مجاهد: وهو كقوله:{ وَالقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } [الشمس:2] أي: إذا تبعها. يعني صبيحة الهلال. قال: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ } يعني بتأويله، { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ } أي خسروا أنفسهم أن يُنجوها من عذاب الله فصاروا في النار. قال الكلبي: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } هم الرهط الذين آمنوا به من أهل الكتاب: اثنان وثلاثون من الحبشة الذين أقبلوا مع جعفر من أرض الحبشة، وثمانية من رهبان الشام، وسبعة من اليهود؛ منهم عبد الله بن سلام وابن صوريا.