قوله: { أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ } ذكر بعض المفسِّرين أنه قال: كان الذي سألوا موسى من قبل أن قالوا:{ أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً } [النساء:153]. قال الحسن: وقد سألوا ذلك النبي عليه السلام فقالوا:{ أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ والمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً } [الإِسراء:92]، وقالوا:{ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْنَا المَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا } [الفرقان:21]. قوله: { وَمَن يَتَبَدَّلِ الكُفْرَ بِالإِيمَانِ } أي: ومن يقل ذلك فقد بدّل الكفر بالإِيمان، يعني تبدّل اليهودية والنصرانية بالإِسلام. { فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ } أي قصد الطريق. قوله: { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم } يعني من لم يؤمن منهم. { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ } أي: أن محمداً رسول الله وأن دينه الحق { فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْْءٍ قَدِيرٍ }. قال بعض المفسرين: نزلت قبل أن يؤمر بقتال أهل الكتاب، ثم أنزل الله بعد ذلك سورة براءة فأتى بها بأمره فقال: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ }. وذلك أن أهل الكتاب لا يُقِرّون أن الناس يُبعثون في أجسادهم ويقولون: إنما تبعث الأرواح في غير أجساد. قال: { وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ } ـ أي الإِسلام ـ{ مِنَ الِّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [التوبة:29]. قال بعض المفسرين: أمر الله فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يقروا بالجزية.