الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } * { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } * { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } * { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً }

قوله: { وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } هذا المشرك يكذب بالبعث. وقد ذكروا أنه قول أُبَيّ بن خلف للنبي عليه السلام حيث جاءه بعظم نخر ففتّه بيده ثم قال: يا محمد، أيحيي الله هذه؟ وتفسيره في سورة يس.

قال تعالى: { أَوَلاَ يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } أي: فالذي خلقه ولم يكن شيئاً قادر على أن يبعثه يوم القيامة. ثم أقسم بنفسه فقال:

{ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ } يعني المشركين { وَالشَّيَاطِينَ } الذين دعتهم إلى عبادة الأوثان. { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } أي على ركبهم. وهذا قبل دخولهم النار. وقال بعضهم: جثياً، أي: جماعة جماعة. وقال الكلبي: جميعاً، كل أمة على حدتها.

قوله: { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ } أي: من كل أمة. قال الحسن: يعني كفارها. { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيّاً } أي: كفراً. وقال الحسن: شدة في المساءة. وقال الكلبي: أشد معصية.

ذكر بعضهم قال: إذا كان يوم القيامة قال الجبار: { لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ } فلا يجيبه أحد، فيرد على نفسه:لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ اليَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ اليَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ } [غافر: 16-17]. ثم أتت عنق من النار تسمع وتبصر وتتكلم حتى إذا أشرفت على رؤوس الخلائق، نادت بصوتها: ألا إني قد وكلت بثلاثة، ألا إني قد وكلت بثلاثة: بمن ادعى مع الله إلهاً آخر، أو قال: بمن جعل مع الله إلهاً آخر، وبمن ادعى لله ولداً، وبمن زعم أنه العزيز الحكيم. ثم صوبت رأسها وسط الخلائق فالتقطتهم كما يلتقط الحمام حب السمسم، ثم غاصت بهم فألقتهم في النار.

ثم عادت حتى إذا كانت مكانها نادت: إني قد وكلت بثلاثة، إني قد وكلت بثلاثة: بمن سبّ الله، وبمن كذب على الله، وبمن آذى الله. فأما الذي سبّ الله فالذي زعم أن الله اتّخذ صاحبة وولداً، وهو أحد صمدلَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الإِخلاص: 3-4]. وأما الذي كذب على الله فهم الذين قالوا:وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ } [النحل: 38، 39]. وأما الذي آذى الله فالذي يصنع الصورة. فتلتقطهم كما يلتقط الطير الحب، حتى تغيض بهم في جهنم.

وقال بعضهم: تندلق عنق من النار فتقول: أمرت بثلاثة: بالذين كَذَّبوا الله، وبالذين كَذَبُوا على الله، وبالذين آذوا الله. فأما الذين كذّبوا الله فالذين كذبوا رسله وكتبه، وأما الذين كَذَبوا على الله فالذين زعموا أن له ولداً، وأما الذين آذوا الله فالمصوّرون.