قوله: { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ } أي في الدنيا. وهذا كلام مستقبل { وَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } يعني المشركين. قوله: { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا } أي: نهلك الأرض ومن عليها { وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } أي يوم البعث. قوله عز وجل: { وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ إِبْراهِيمَ } أي: اذكر لأهل مكة أمر إبراهيم واقرأه عليهم. { إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَآ أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً } يعني الأصنام. { يَآأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءنِي مِنَ العِلْمِ مَا لَمْ يَأتِكَ } يعني النبوّة. { فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيّاً } أي: عدلاً، وهو الإِسلام، أي: طريقاً مستقيماً إلى الجنة. { يَآأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيّاً } أي: إن عبادة الوثن عبادة الشيطان، لأن الوثن لم يدعه إلى عبادة نفسه، ولكن الشيطان دعاه إلى عبادته. كقوله: { إِن يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلآ إِنَاثاً } إلا أمواتاً، شيئاً ليس فيه روح،{ وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيدًا } [النساء: 117]. قوله: { يَآأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً } أي: إذا نزل بك العذاب لم تقبل توبتك، وما لم ينزل بك العذاب فتوبتك مقبولة إن تبت. وقد كان إبراهيم يرجو أن يتوب أبوه. فلما مات على الكفر ذهب ذلك الرجاء. قوله: { قَالَ: أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ ءَالهَتِي يَآإِبْراهِيمُ } أن تعبدها. { لَئِن لَّمْ تَنتَهِ } أي: عن شتمها وذمها { لأَرْجُمَنَّكَ } أي بالحجارة فأقتلنك بها { وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً } أي واهجرني سالماً. قال مجاهد: واهجرني حيناً. وقال الحسن: واهجرني طويلاً، أي: أطل هجراني. { قَالَ: سَلاَمٌ عَلَيْكَ }. قال الحسن: وهذه كلمة حِلم. { سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } أي: بدعائي فلا يرده عليّ. وفي تفسير الكلبي: إنه كان بي رحيماً. وقال بعضهم: كان بي لطيفاً. وقال بعضهم: الحفي: ذو المنزلة. وأما قوله: { سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي } فهو كقوله:{ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ } [التوبة: 114].