الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } * { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً } * { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً }

{ وَكَذَلِكَ } أي: بهيئاتهم { بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ }. وكانوا دخلوا الكهف في أول النهار. قال: فنظروا فإذا هو قد بقي من الشمس بقيّة، فقالوا: أو بعض يوم. ثم إنهم شكّوا، فردّوا علم ذلك إلى الله فـ { قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } يقوله بعضهم لبعض.

قال: { فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ } أي: بدراهمكم هذه { إِلَى المَدِينَةِ } وكانت معهم دراهم { فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً } قال بعضهم: أحل طعاماً، وقد كان من طعام قومهم ما لا يستحلون أكله قط. وقال بعضهم: أزكى أي: أطيب { فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ } أي: لا يعلمنّ { بِكُمْ أَحَداً إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ } أي: يطلعوا عليكم { يَرْجُمُوكُمْ } أي: يقتلوكم بالحجارة { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } أي: في الكفر { وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً } أي: إن فعلتم ذلك.

قال: { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي: أطلعنا عليهم، أي: على أصحاب الكهف، أي: أطلعنا أهل ذلك الزمان الذي أحياهم الله فيه، وليس بحياة النشور.

قال: { لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ }.

وكانت تلك الأمة الذين هربوا منهم قد بادت، وخلفت من بعدهم أمة أخرى، وكانوا على الإِسلام. ثم إنهم اختلفوا في البعث؛ فقال بعضهم: يُبعث الناس في أجسادهم، وهؤلاء المؤمنون، وكان الملك منهم، وقال بعضهم: تبعث الأرواح بغير أجساد، فكفروا. وهذا قول أهل الكتاب اليوم؛ فاختلفوا. فبعث الله أصحاب الكهف آية ليُعلِمهم أن الناس يُبعثون في أجسادهم، وقال في آية أخرى:يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ } [النبأ:38] أي: روح كل شيء في جسده، وهو قوله:يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ } [المطفّفين:6].

فلما بعث أصحابُ الكهف صاحبَهم بالدراهم ليشتري بها طعاماً، وهم يرون أنها تلك الأمّة المشركة الذين فرّوا منهم، أمروا صاحبهم أن يتلطّف ولا يشعرنّ بهم أحداً.

فلما دخل المدينة، وهي مدينة بالروح يقال لها فسوس، وكان ملكهم يقال له دقيانوس، فأخرج الدراهم ليشتري بها الطعام اسْتُنْكِرَت الدراهم، فأُخِذ وذُهِب به إلى ملك المدينة، فإذا الدراهم دراهم الملك الذي فرّوا منه، فقالوا: هذا رجل وجد كنزاً. فلما خاف على نفسه أن يعذّب أطلع على أصحابه. فقال لهم الملك: إن الله قد بيّن لكم ما اختلفتم فيه، فأعلمكم أن الناس يبعثون في أجسادهم.

فركب الملك والناس معه حتى انتهوا إلى الكهف. وتقدمهم الرجل. حتى إذا دخل على أصحابه فرآهم ورأوه ماتوا، لأنهم قد كانت أتت عليهم آجالهم.

فقال القوم كيف نصنع بهؤلاء فـ { فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ } وهم رؤساؤهم وأشرافهم، وقال بعضهم: مؤمنوهم { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً }.

السابقالتالي
2