قال: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } يعني المؤمنين، أي: من يلقى الله مؤمناً فليس له عليهم سلطان أن يضلهم. { وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً } أي: حرزاً ومانعاً لعباده المؤمنين. قوله: { رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الفُلْكَ فِي البَحْرِ } أي: يجريها في البحر { لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ } أي: طلب التجارة في البحر { إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } فبرأفته ورحمته سخر لكم ذلك. والرحمة على الكافر في هذا رحمة الدنيا. { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ } أي: الأهوال { فِي البَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ } أي: ما تدعون من دونه ضلّ عنكم. قال: { إِلاَّ إِيَّاهُ } تدعونه. كقوله:{ بَلْ إِيَاهُ تَدْعُونَ } [الأنعام:41]، يعلمون أنه لا ينجيهم من الغرق إلا الله. قال: { فَلَمَّا نَجَّاكُم إِلَى البَرِّ أَعْرَضْتُمْ } عن الذي نجاكم ورجعتم إلى شرككم { وَكَانَ الإِنسَانُ كَفُوراً } يعني المشرك. قال: { أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ البَرِّ } كما خسف بقوم لوط وبقارون. { أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً } أي: حجارة من السماء يحصبكم بها كما فعل بقوم لوط، يعني الذين خرجوا من القرية فأرسل عليهم الحجارة وخسف بأهل القرية. { ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً } قال بعضهم: منيعاً ولا نصيراً. { أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ } أي: في البحر { تَارَةً أُخْرَى } أي: مرة أخرى { فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ الرِّيحِ } والقاصف من الريح الشديد { فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } أي: لا تجدوا أحداً تبيعاً بذلك لكم فينتصر لكم. وهو كقوله:{ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا } [الشمس:14-15] أي: فسواها عليهم بالعذاب. { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا } اي: التبعة، فينتصر لهم. وقال بعضهم: ولا يخاف أن يُتْبَع بشيء مما أصابكم. وقال مجاهد: { تَبِيعاً } أي: ثائراً.