الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً }

قوله: { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ } أي: أوحينا إليك { إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ } قال: عصمك من الناس، أي: منعك منهم فلا يصلون إليك حتى تبلغ عن الله الرسالة. كقوله:وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة:67] أي: أن يصلوا إليك حتى تبلغ عن الله الرسالة. وكقوله: { عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ } أي: من بين يدي ذلك الرسول { وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } أي: رصداً من الملائكة { لِّيَعْلَمَ } أي: ذلك الرسولأَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } [الجن:28] أي: أحاط الله بما لديهم حتى يبلغوا عن الله الرسالة.

ذكروا أن مجاهداً قال: أحاط بالناس، فهم في قبضته.

ذكروا عن الحسن أن النبي عليه السلام شكا إلى ربه أمر قومه فقال: يا ربّ، إن قومي قد خوَّفوني، فأعطني من قِبَلك آية أعلم ألا مخافة عليّ. فأوحى الله إليه أن يأتي وادي كذا وكذا فيه شجرة، فليدع غصناً منها يأته. فانطلق إلى الوادي فدعا غصناً منها، فجاء يخط في الأرض خطاً حتى انتصب بين يديه. فحبسه ما شاء الله أن يحبسه، ثم قال: ارجع كما جئت، فرجع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " علمت يا رب ألا مخافة عليّ "

قوله: { وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ } يعني ما أراه الله ليلة أُسرِي به، وليس برؤيا المنام، ولكن بالمعاينة { إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ } يعني مشركي مكة.

إن النبي عليه السلام لما أخبرهم بمسيره إلى بيت المقدس ورجوعه من ليلته كذّب بذلك المشركون فافتتنوا بذلك.

وقال بعضهم: { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ } أي: ما أراه الله من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس { إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ } أي: إلا بلاء للناس. أي: المشركين.

وقال الحسن: إن نفراً كانوا أسلموا ثم ارتدوا عند ذلك.

قال: { وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي القُرْءَانِ } يقول: وما جعلنا أيضاً الشجرة الملعونة في القرآن، يعني شجرة الزَّقُّوم، وهو تفسير مجاهد والحسن، إلا فتنة للناس، أي: للمشركين.

لما نزلت دعا أبو جهل بن هشام لعنة الله بتمر وزبد فقال: تعالوا تزقَّموا، فما نعلم الزقّوم إلا هذا. فأنزل الله: { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ } أي: للمشركينإِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الجَحِيمِ... } إلى آخر الآية [الصّافّات:63-64] فوصفها ووصف كيف يأكلونها في النار. وقال الحسن: يعني بقوله: { المَلْعُونَةَ فِي القُرْءَانِ } أي: إن أَكَلَتَها ملعونون في القرآن. كقوله:وَاسْأَلِ القَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا } [يوسف:82]، وإنما يعني أهل القرية.

قال: { وَنُخَوِّفُهُمْ } أي: بشجرة الزَّقُّوم { فَمَا يَزِيدُهُمْ } أي: تخويفنا إياهم بها وبغيرها { إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً }.