الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } * { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } * { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً }

قوله: { قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } لما قالوا: { أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }. قال الحسن: فقال الله: { قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } أي: الموت، أي: إذاً لأماتكم ثم يبعثكم يوم القيامة { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا } أي: خلقاً جديداً { قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ } أي: فسيحرّكون إليك رؤوسهم تكذيباً واستهزاءاً. قال: { وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ } يعنون البعث { قُلْ } يا محمد { عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً }. وعسى من الله واجبة؛ وكل ما هو آتٍ قريب.

قال: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } أي: من قبوركم؛ ينادي صاحب الصُّور أن ينفخ فيه. { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي: بمعرفته في تفسير الحسن. وقال بعضهم: بطاعته ومعرفته. والاستجابة خروجهم من قبورهم إلى الداعي صاحب الصور إلى بيت المقدس.

قال: { وَتَظُنُّونَ } أي: في الآخرة { إِن لَّبِثْتُمْ } أي: في الدنيا { إِلاَّ قَلِيلاً } وهو مثل قوله:قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } [المؤمنون:113] أي: تصاغرت الدنيا عندهم، ومثل قوله: { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ المُجْرِمُونَ } أي: المشركون { مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ } قال الله: { كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ } أي: يصدّون عن الهدى. وقال:وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُّمْ فِي كِتَابِ اللهِ إِلَى يَوْمِ البَعْثِ } [الروم:55- 56]، وهي مقدّمة؛ يقول: وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله والإِيمان لقد لبثتم إلى يوم البعث. وقال في الآية الأولى:إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } [المؤمنون:114] أي: إن الذي كانوا فيه من الدنيا قليل في الآخرة لأنها لا تنقضي، فعلموا هنالك، أي: في الآخرة، أنه كذلك. وقال بعضهم: وذلك مما تحاقرت الدنيا في أنفسهم لمّا عاينوا يوم القيامة.

قوله: { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي: يأمروهم بما أمرهم الله به وينهوهم عما نهاهم الله عنه. { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ } أي: يفسد بينهم. { إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً } أي: بيّن العداوة.