الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } * { وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } * { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } * { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } * { كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً }

قوله: { وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } والتي هي أحسن أن يوفر عليه ماله { حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } أي: حتى إذا بلغ أشده دفع إليه ماله إِنْ أُونس منه رشد.

قال بعضهم: لما نزلت هذه الآية اشتدّت عليهم فكانوا لا يخالطونهم في المال ولا في المأكل فجهدهم ذلك فنسختها هذه الآيةوَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ } [البقرة:220].

قوله: { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ } يعني ما عاهدتم عليه فيما وافق الحق. { إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُواً } أي: مطلوباً، يُسأل عنه أهله الذين أعطوه.

قوله: { وَأَوْفُوا الكَيْلَ إذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ } والقسطاطس العدل بالرومية { ذَلِكَ خَيْرٌ } أي: إذا وفيتم الكيل وأقمتم الوزن. { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } أي: خير ثواباً وخير عاقبة.

قوله: { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً } أي: لا تقل رأيت ولم ترَ، أو سمعت ولم تسمع فإن الله سائلك عن ذلك كله.

قال الحسن: لا تقف أخاك المسلم من بعده إذا مرّ بك فتقول: إني رأيت هذا فعل كذا وكذا، ورأيت هذا يفعل كذا وكذا، وسمعته يقول كذا وكذا لما لم ترَ ولم تسمع. { كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً }. أي: لا تقل رأيت وسمعت فإن الله سائلك عن ذلك كله. أي: يسأل السمع على حِدَة عما سمع، ويسأل البصر على حِدة عما رأى، ويسأل القلب عما عزم عليه.

قوله: { وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً } أي: على الأرض. و { في } في هذا الموضع بمعنى على. { مَرَحاً } أي: كما يمشي المشركون، فتمرح في الأرض، وهي مثل قوله:ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } [غافر:75] وكقوله:وَفَرِحُواْ بالْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [الرعد:26] يعني المشركين الذين لا يقرون بالآخرة.

قال: { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ } أي: بقدميك إذا مشيت. { وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } في قراءة من قرأها بالرفع، يقول: سيء ذلك الفعل، ومن قرأها بالنصب يقول كل ذلك كان سيئةً توجب عند ربك مكروهاً.