الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } * { وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } * { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً }

قوله: { قُلْ ءَامِنُوا بِهِ } يعني القرآن. يقول: قل للمشركين آمنوا به { أَوْ لاَ تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِن قَبْلِهِ } أي: من قبل هذا القرآن، يعني المؤمنين من أهل الكتاب { إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ } أي: القرآن { يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ } أي: للوجوه { سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } أي: لقد كان وعد ربنا مفعولاً. { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ } أي: للوجوه { يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ } أي: القرآن { خُشُوعاً }. والخشوع الخوف الثابت في القلب.

قوله: { قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ } وذلك أن المشركين قالوا: أما الله فنعرفه، وأما الرحمن فلا نعرفه، فقال الله: { قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ } أي: إنه هو الله وهو الرحمن.

{ أَيّاً مَّا تَدْعُوا } يقول أي الاسمين دعوتموه به { فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى } وقال:وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالْرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي } [الرعد:30].

ذكروا عن الحسن أنه قال: الله والرحمن اسمان ممنوعان لا يستطيع أحد من الخلق أن ينتحلهما.

قوله: { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً }.

قال الكلبي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمكة، كان يجتمع إليه أصحابه، فإذا صلّى بهم ورفع صوته سمع المشركون صوته فآذوه. وإن خفض صوته لم يُسمع من خلفه؛ فأمره الله أن يبتغي بين ذلك سبيلاً.

وقال مجاهد: حتى لا يسمعك المشركون فيسبوك.

وقال بعضهم: كان نبي الله، وهو بمكة، إذا سمع المشركون صوته رموه بكل خبث، فأمره الله أن يغض من صوته وأن يقتصد في صلاته.

وكان يقال: ما أسمعتَ أذنيك فليس بتخافت.

وذكر بعضهم قال: { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } أي: في الدعاء والمسألة.

وذكروا عن ابن عباس أنه قال: إن من الصلاة سرّاً، وإن منها جهراً، فلا تجهر فيما تسرّ فيه، ولا تسرَّ فيما تجهر فيه، وابتغ بين ذلك سبيلاً.

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع أبا بكر وهو يصلّي من الليل وهو يخفي صوته، وسمع عمر وهو يجهر بصوته، وسمع بلالاً وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة فقال " لأبي بكر: لم تخفي صوتك؟ قال: إن الذي أناجي ليس ببعيد. قال: صدقت. فقال لعمر: لم تجهر بصوتك؟ قال: أرضي الرحمن وأرغم الشيطان وأوقظ الوسنان. قال: صدقت. وقال لبلال: لم تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة؟ قال: أخلط طيباً بطيب. قال: صدقت. فأمر أبا بكر أن يرفع من صوته، وأمر عمر أن يخفض من صوته، وأمر بلالاً إذا أخذ في سورة أن يفرغ منها " فأنزل الله: { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً }.