الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }

قوله: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } يعني المؤمنين، على السمع والطاعة. { وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } أي: بعد توكيد العهد، يقول: بعد تشديدها وتغليظها { وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }. قال الحسن: عهد الأنبياء، وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً، يقول: وقد تكفّل الله لكم بالجنة إن تمسّكتم بدينه.

قوله: { وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً } أي: تنكثون العهد، يعني المؤمنين، ينهاهم عن ذلك. قال: فيكون مثلكم، إن نكثتم العهد، كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، أي: من بعد ما أبرمته، فنقضته بعد ما كان غزلاً قوياً، { أَنْكَاثاً } أي: عن العهد. قال: { وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } وهو تقديم، وفيه إضمار.

قال: { تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ } أي: عهدكم { دَخَلاً بَيْنَكُمْ } أي: خيانة وغدراً، كما صنع المنافقون الذين خانوا الله إذ نقضوا الأَيمان فقالوا ولم يعملوا، وتركوا الوفاء بما أقروا لله به. والدخل هو الخيانة. { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ } أي: أكثر من أمة. يقول فتنقضوا عهد الله لقوم هم أكثر من قوم. وقال بعضهم { أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ } أي: [أن يكون قوم] أعز من قوم.

وقال بعضهم: يقول: العهد بين الناس فيما وافق الحق.

والمرأة التي ضربت مثلاً في غزلها كانت حمقاء تغزل الشعر، فإذا غزلته نقضته، ثم عادت فغزلته.

وتفسير مجاهد قال: هذا في الحلفاء؛ كانوا يحالفون الحلفاء، ثم يجدون أكثر منهم وأعزَّ، فينقضون حلف هؤلاء، ويحالفون الذين هم أعز؛ فنهوا عن ذلك.

قوله: { إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ } أي: بالكثرة، يبتليكم، يختبركم { وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } أي: من الكفر والإِيمان.