قوله: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } يعني المؤمنين، على السمع والطاعة. { وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } أي: بعد توكيد العهد، يقول: بعد تشديدها وتغليظها { وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }. قال الحسن: عهد الأنبياء، وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً، يقول: وقد تكفّل الله لكم بالجنة إن تمسّكتم بدينه. قوله: { وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً } أي: تنكثون العهد، يعني المؤمنين، ينهاهم عن ذلك. قال: فيكون مثلكم، إن نكثتم العهد، كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، أي: من بعد ما أبرمته، فنقضته بعد ما كان غزلاً قوياً، { أَنْكَاثاً } أي: عن العهد. قال: { وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } وهو تقديم، وفيه إضمار. قال: { تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ } أي: عهدكم { دَخَلاً بَيْنَكُمْ } أي: خيانة وغدراً، كما صنع المنافقون الذين خانوا الله إذ نقضوا الأَيمان فقالوا ولم يعملوا، وتركوا الوفاء بما أقروا لله به. والدخل هو الخيانة. { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ } أي: أكثر من أمة. يقول فتنقضوا عهد الله لقوم هم أكثر من قوم. وقال بعضهم { أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ } أي: [أن يكون قوم] أعز من قوم. وقال بعضهم: يقول: العهد بين الناس فيما وافق الحق. والمرأة التي ضربت مثلاً في غزلها كانت حمقاء تغزل الشعر، فإذا غزلته نقضته، ثم عادت فغزلته. وتفسير مجاهد قال: هذا في الحلفاء؛ كانوا يحالفون الحلفاء، ثم يجدون أكثر منهم وأعزَّ، فينقضون حلف هؤلاء، ويحالفون الذين هم أعز؛ فنهوا عن ذلك. قوله: { إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ } أي: بالكثرة، يبتليكم، يختبركم { وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } أي: من الكفر والإِيمان.