قوله: { فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلاَغُ المُبِينُ }. وكان هذا قبل أن يؤمر بقتالهم. يقول: ليس عليك أن تهديهم؛ كقوله:{ لَّيْسَ عَلَيْكَ هَدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } [البقرة:272]. قوله: { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا } أي: يعرفون ويقرّون أن الله هو الذي خلقهم وخلق السماوات والأرض، وأنه هو الرزاق، ثم ينكرونها، أي: بتكذيبهم. قال مجاهد: يعني نعمة الله التي قصّ في هذه السورة. قال: { وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ } يعني جماعتهم كلهم. كقوله:{ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } [الشعراء:223]. أي: كلهم. قوله: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } أي: نبيّها يشهد عليهم أنه قد بلغهم. { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } هي مثل قوله: { هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } أي: بحجة. وهي مواطن، لا يؤذن لهم في موطن في الكلام، ويؤذن لهم في موطن. قوله: { وَإِذَا رَءَا الَّذِينَ ظَلَمُوا العَذَابَ } يعني المشركين { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي: سألوا الله أن يؤخرهم ويردهم إلى الدنيا حتى يتوبوا فلم ينظرهم، أي: لم يؤخرهم. { وَإِذَا رَءَا الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ } أي: إذا رأوا الشياطين الذين كانوا يضلونهم في الدنيا، أي: يعرف كل إنسان شيطانه { قَالُو رَبَّنَا } أي: يقول بنو آدم ربنا { هَؤُلاَءِ شُرَكَاؤُنَا } يعني من إبليس { الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ } لأنهم هم الذين دعوهم إلى عبادة الأوثان. قال الله:{ وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً } [النساء: 117] { فَأَلْقَوا إِلَيْهِمُ القَوْلَ } أي: فألقى بنو آدم إلى بني إبليس القول فقالوا لهم: { إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } أي: إنكم كذبتمونا في الدنيا وغررتمونا { وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ } أي: أعطوا الإِسلام يومئذٍ واستسلموا له، أي: آمنوا بالله وكفروا بالشياطين والأوثان { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } أي: عبادتهم إياهم في الدنيا افتراء على الله، وهو الكذب. وهو كقوله:{ ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ اللهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا } [غافر:73-74].