قولِه: { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالمَلاَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي: عن عبادة الله. يعني الملائكة. قال بعضهم: [في قوله: { وَالمَلاَئِكَةُ } أي: تسجد ملائكة الأرض] { يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }.
قوله: { وَقَالَ اللهُ لاَ تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ } أي: لا تعبدوا مع الله إلهاً غيره { إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } أي: فخافون.
قوله: { وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً } أي: دائماً { أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ } يعني المشركين. على الاستفهام، أي: قد فعلتم، فعبدتم الأوثان من دونه.
قوله: { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ } أي: المرض وذهاب الأموال والشدائد { فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ } أي: [تصرخون]، أي: تدعونه ولا تدعون الأوثان. وقال مجاهد: { تَجْئَرُونَ } أي: تضّرعون.
قال: { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } يعني بالفريق المشركين. { ليَكْفُرُوا بِمَا ءَاتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا } أي: في الدنيا { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } وهذا وعيد هوله شديد.
قوله: { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ } يعني آلهتهم. أي: يجعلون لما لا يعلمون أنه خلق مع الله شيئاً ولا أمات ولا أحيى ولا رزق معه شيئاً، { نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ }. يعني قوله:{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا } [الأنعام:136]. وقد فسَّرناه قبل هذا الموضع. [وقال بعضهم: هم مشركو العرب جعلوا لأوثانهم وشياطينهم نصيباً مما رزقهم الله].
قال: { تَاللَّهِ } وهو قسم، أقسم الله بنفسه { لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ } يقوله لهم، لما يقولون إن الأوثان تقربهم إلى الله زلفى، وإن الله أمرهم بعبادتها.
قوله: { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البَنَاتِ } كان مشركو العرب يقولون إن الملائكة بنات الله. قال الله { سُبْحَانَهُ } ينزِّه نفسه عما قالوا { وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ } أي: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون، أي: الغلمان.