قوله: { إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ } كقوله:{ مَن يُّضْلِلِ اللهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ } [الأعراف:186]. وهي تقرأ على وجه آخر: { لا يَهْدِي من يُضِل }: أي: من أضله الله، وقد حقت عليه الضلالة بفعله، فإن الله لا يهديه. وقوله: { إِنْ تَحْرِصْ } كقوله:{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } [القصص:56] { وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ } أي: إذا جاءهم العذاب. قوله: { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ } قال: { بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ } ليبعثنهم. ثم قال { حَقّاً } فأقسم بقوله حقاً. { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } قال: { لِيُبَيِّنَ لَهُمُ } أي: يوم القيامة { الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } أي: ما يختلفون فيه في الدنيا، أي: ما اختلف فيه المؤمنون والكافرون. { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ } أي: في قولهم في الدنيا: { لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ }. قوله: { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ } [قبل أن يكون] { كُن فَيَكُونُ }. قوله: { وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللهِ } أي: إلى المدينة { مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } أي: من بعد ما ظلمهم المشركون وأخرجوهم من ديارهم، أي: من مكة، وهو قوله:{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } [الحج:39] { لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدَّنْيَا حَسَنَةً } أي: المدينة منزلاً في تفسير مجاهد. قال الحسن: لنعطينهم في الدنيا النصر. { وَلأَجْرُ الأَخِرَةِ أَكْبَرُ } من الدنيا { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } لعلموا أن الجنة خير من الدنيا. أي:إن الله يعطي المؤمنين في الآخرة أفضل مما يعطي في الدنيا. ذكر بعضهم قال: هؤلاء أصحاب نبي الله؛ ظلمهم أهل مكة وأخرجوهم من ديارهم، حتى لحق طوائف منهم بالحبشة، ثم بوأهم الله بعد ذلك المدينة.