الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ }

قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ } أي: إذا قال المؤمنون للمشركين ماذا أنزل ربكم { قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ }. وإنما ارتفعت لأنهم قالوا: إنه أساطير الأولين، وهذه حكاية، أي: كذب الأولين وباطلهم. فليس يقرون أن الله أنزل كتاباً، ويقولون: إن النبي افتراه من عنده. وإنما قال ذلك ناس من المشركين، مشركي العرب، كانوا يرصدون بطريق مكة من أتى النبي؛ فإذا مرّ بهم من المؤمنين من يريد النبي قالوا: إنما هو أساطير الأولين.

وفي تفسير الكلبي: إن المقتسمين الذين تفرقوا على عقاب مكة أربعة نفر على كل طريق؛ أمرهم بذلك الوليد بن المغيرة فقال: إن الناس سائلوكم عن محمد غداً بعد الموسم؛ فمن سألكم عنه فليقل بعضكم إنه ساحر، وليقل الآخر: كاهن، وليقل الآخر شاعر، وليقل الآخر مجنون يهذي من أمّ رأسه؛ فإن رجعوا ورضوا بقولكم فذاك، وإلا لقوني عند البيت. فإذا سألوني صدّقتكم كلّكم.

فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فشقّ عليه، فبعث مع كل الأربعة أربعة من أصحابه وقال لهم: إذا سألوا عني فكذبوا عني فحدّثوا الناس بما أقول. فكان إذا سئل المشركون ما صاحبكم، فقالوا: ساحر قال الأربعة الذين هم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلقوا حتى تسمعوه، بل هو رسول الله حقاً، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويأمر بصلة ذي القربى، وبأن يُقرَى الضيف، وبأن يُعبد الله، في كلام حسن جميل؛ فيقول الناس للمسلمين: والله لما تقولون أنتم أحسن مما يقول هؤلاء، والله لا نرجع حتى نلقاه، فهو قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ }.

قال: { لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ } أي: آثامهم في تفسير الحسن. وقال بعضهم: ذنوبهم، وهو واحد. { كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ } يعني الذين قالوا أساطير الأولين { وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ } أي: بئس ما يحملون. أي: يحملون آثام أنفسهم ومثل آثام الذين دعوهم إلى الضلالة فاتّبعوهم عليها. وهو كقولهوَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [العنكبوت:13] أي: يحملون آثامهم ومثل آثام الذين دعوهم إلى الضلالة فاتبعوهم عليها إلي يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزار الذين اتبعوهم شيء. هذا في القادة والأتباع.

ذكر الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما داع دعا إلى هدى فاتّبع عليه كان له مثل أجر من اتبعه من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. وأيما داعٍ دعا إلى ضلالة فاتبع عليها كان عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً "