قوله: { وَلَقَدْ نَعْلَمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } يعنون عبداً لابن الحضرمي في قول الحسن وغيره. وبعضهم يقول: عداس، غلام عتبة. وكان الكلبي يجمعهما جميعاً ويقول: كان عداس يهودياً فأسلم. وكان يقرآن كتابهما بالعبرانية، وكانا أعجمي اللسان. قال: { لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيُّ } أي: يميلون إليه في تفسير الكلبي. وقال الحسن: الذي يذهبون إليه أنه يعلِّم محمداً أعجمي، أي: كيف يعلّم صاحب اللسان الأعجمي صاحب اللسان العربي، والعربي لا يفهم اللسان الأعجمي ولا يعلم ما يقول: ألا تراه يقول: { وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ } أي: بيّن. وفي قول الحسن: هو عبد لابن الحضرمي، وكان كاهناً في الجاهلية. وقال مجاهد: هو عبد لابن الحضرمي، رومي وصاحب كتاب. قال: يقول الله: { لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ } أي: يتكلم بالرومية، وهذا لسان عربي مبين. فكيف ينقل اللسان العجميَّ [ذو] اللسان العربي بما لا يفهمه عنه من لسانه. قوله: { إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بآيَاتِ اللهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللهُ } هؤلاء الذين لا يريد الله أن يهديهم يلقونه بكفرهم. وهو كقوله:{ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يَّطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } [المائدة:41] أي: بكفرهم. { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: موجع. قوله: { إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ } يعني المشركين { وَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ }. قوله: { مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } نزلت في عمار بن ياسر وأصحابه. أخذهم المشركون فوقفوهم على الكفر بالله وبرسوله، فخافوا منهم، فأعطوهم ذلك بأفواههم. ذكروا أن عمار بن ياسر قال: أخذني المشركون فلم يتركوني حتى شتمت رسول الله وذكرت آلهتهم بخير. قال: [فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم] فقال لي: " ما وراءك؟ " قلت: شرٌّ يا رسول الله، والله ما تُرِكتُ حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير. قال فقال لي رسول الله: " كيف تجد قلبك؟ " قلت: أجد قلبي مطمئناً بالإِيمان. قال: " فإن عادوا فعد " فبلغنا أن هذه الآية نزلت عند ذلك: { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإِيمَانِ } أي: راضٍ بالإِيمان. قال: { وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً } قال بعضهم: يعني عبد الله بن أبي سرح، { فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أي: في الآخرة.