قوله: { فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }. والرجيم الملعون، رجمه الله باللعنة. قال الحسن: نزلت في الصلاة، ثم صارت سنة في غير الصلاة إذ أراد أن يقرأ، وليس بمفروض. قوله: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } وهو كقوله: { إِنَّ عِبَادِي } يعني المؤمنين{ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [الحجر:42] أي: لا تستطيع أن تضلّهم؛ وكقوله:{ وَمَن يَّهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ } [الزمر:37]. قال: { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ } أي: الشيطان، أي: يعبدونه ويطيعونه، قال الحسن من غير أن يستطيع أن يكرههم هو عليه. وهو مثل قوله: { مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } أي: بِمُضِلِّينَ{ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ } [الصافات:162-163] أي: لا تضلوا إلا من هو صالى الجحيم. وكقوله:{ وَمَن يُّضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ } [الأعراف:178] أي: لا يضل إلا خاسراً. قوله: { وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } أي: والذين هم بالله مشركون. فيها تقديم. وتقديمها فاستعذ بالله، ثم قال: { وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } ، أي: بالله؛ رجع إلى الكلام الأول. قال الحسن: أشركوا الشيطان بعبادة الله. قوله: { وَإِذَا بَدَّلْنَا ءَايَةً مَّكَانَ ءَايَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنْزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } وهذا في الناسخ والمنسوخ في تفسير بعضهم. قال الحسن: كانت الآية إذا نزلت فعُمِل بها وفيها شدّة، ثم نزلت بعدها آية فيها لين قالوا: إنما يأمر محمد أصحابه بالأمر، فإذا اشتد عليهم صرفهم إلى غيره، ولو كان هذا الأمر من عند الله لكان أمراً واحداً وما اختلف، ولكنه من قِبَل محمد. قال الله: { قُلْ } يا محمد { نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالحَقِّ } والقدس الله، وروحه جبريل. فأخبر أنه نزل به جبريل من عند الله، وأن محمداً لم يغيّر منه شيئاً. قال: { لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }.