قوله: { قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَالَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا } أي: من السماء { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } أي: ملعون { وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ } أي: إلى يوم الحساب؛ أي: إلى يوم القيامة، وعليك اللعنة أبداً. { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي } أي: أخّرني { إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ } أي: إلى النفخة الأولى التي يموت بها كل حيّ. وأراد عدوّ الله أن يؤخره إلى النفخة الآخرة التي يبعث بها الخلق. ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بين النفختين أربعون؛ الأولى يميت الله بها كل حيّ؛ والآخرة يحيي الله بها كل ميّت " ذكر بعضهم قال: النفخة الأولى من الدنيا والثانية من الآخرة. { قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي } قال الحسن: يريد قوله في أول الكلام { فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي } أي: لعنتني { لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ } أي: يزين لهم الدنيا فيأمرهم بها ويخبرهم أنه لا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار، يوسوس ذلك إليهم. قال: { وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ } أي: الذين أخلصوا القول والعمل فوفوا لله بهما. هو كقوله:{ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَليلاً } [الإسراء:62] وكقوله:{ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } [الأعراف:17] أي: مؤمنين. وكان الحسن يقرأها:{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } [سبإ:20] يرفع الظن وينصب إبليسَ. يقول صدق عليهم ظنه ولم يقل ذلك بعلم. وكان مجاهد يقرأها مثقلة: { وَلَقد صَدَّقَ عَلَيْهُم إِبْلِيسُ ظَنَّه فَاتَّبَعُوهُ } يرفع إبليس وينصب الظنّ.