الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } * { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ }

تفسير سورة الحجر،

وهي مكية كلها

{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قوله: { الۤر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ }. قد فسّرناه في غير هذا الموضع.

قوله: { رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ } هو كقوله:حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } [المؤمنون:99-100] وكقوله:يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ ولاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ } [الأَنعام: 27] وكقوله:ياَ لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ } [الأَحزاب:66]. وذلك لما رأوا من كرامة الله للمؤمنين وثوابه إياهم، فتمنّوا أن لو كانوا مسلمين ومؤمنين لينالوا ما نال المسلمون من ثواب الله وجزيل عطائه.

وقد تأوّلت الفرقة الشاكّة هذه الآية على غير تأويلها، وردّت على الله تنزيله، فقالوا: هم قوم من أهل التوحيد يدخلون النار، فيعيّرهم أهل النار، ويقولون: قد كان هؤلاء مسلمين فما أغنى عنهم؛ قالوا: فيغضب لهم ربهم فيخرجهم ـ زعموا ـ من النار ويدخلهم الجنة. قالوا: فعند ذلك { يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ }. فزعموا أن الله مخرج أقواماً من النار قد احترقوا وصاروا حمماً. فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة هؤلاء الجهنّميون. قالوا: فيدعون ربّهم فيمحي ذلك الاسم عنهم، فيسمّون عتقاءَ ربّ العالمين، افتراء على الله، وكذباً عليه، وجحوداً بتنزيله إذ يقول:

{ بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } يعني الشرك { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ } يعني الكبائر الموبقةفَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة:81] وقال:يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [المائدة:37]. وقال:وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } [الصافات:9] أي: دائم لا ينقطع. وقال:لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } [الزخرف:75] أي: يائسون. وقال:كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَّخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ } [الحج:22]. وقال:لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } [فاطر:36] وقال:وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ } [الزخرف:77] وقال:وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ } [غافر:49] قالت لهم الخزنة: { أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَما دُعَاء الكَافِرِينَ } أي: أهل النارإِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [غافر:50].

فكيف بعد هذا من تنزيل الله ومحكم كتابه تزعم الفرقة الشاكة أن أهل جهنم يخرجون منها ويدخلون الجنة؟ يتّبعون الروايات الكاذبة التي ليس لها أصل في كتاب الله، وينبذون كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون فالله الحاكم بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين.