الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ }

قال: { وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللهِ مَكْرُهُمْ } أي: محفوظ لهم حتى يجازيهم به. { وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ }.

قال الكلبي: إن نمروذ الذي بنى الصرح ببابل أراد أن يعلم علم السماء، فعمد إلى تابوت فجعل فيه غلاماً. ثم عمد إلى نسور أربعة فأجاعهن، ثم ربط كل نسر بقائمة من قوائم التابوت، ثم رفع لهم لحماً في أعلى التابوت، فجعل الغلام يفتح الباب الأعلى فينظر إلى السماء فيراها كهيئتها. ثم يفتح الباب الأسفل فينظر إلى الأرض فيراها مثل اللجة. فلم يزل كذلك حتى جعل ينظر فلا يرى الأرض، وإنما هو الهواء، وينظر فوق فيرى السماء كهيئتها. فلما رأى ذلك صوّب اللحم، فتصوّبت النسور. فيقال، والله أعلم، إنه مرّ بجبل فخاف الجبل أن يكون أمر من الله، فكاد الجبل أن يزول من مكانه. فذلك قوله: { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ }.

وذكر بعضهم أن نمروذ كان في التابوت ومعه صاحبه. فهو الذي جعل بأمره أن ينظر. فلما هاله ذلك أمره، فنكس اللحم، فانحدرت النسور. فبعث الله عليه أضعف خلقه: بعوضة، فدخلت في منخره حتى وصلت إلى دماغه فمات.

وقال بعضهم: في قراءة عبدالله بن مسعود: { وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبَالُ }. وذلك تفسيرها عندهم.

قال بعضهم: ذلك المكر ما عمل بالنسور، فلا أعلمه إلا قوله: { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَقَد جِئْتُمْ شَيْئاً إِداً } أي: عظيماً { تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } أي: يتشقّقنَ منه { وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا } أي: بأن دعوالِلرَّحْمَنِ وَلَداً } [سورة مريم:88-91].

وتفسير الحسن في هذا الحرف. { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ } يقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، أي: هم أهون على الله من ذلك.