الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ }

قوله: { وَأُدْخِلَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي: بأمر ربهم { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } أي: تحيّيهم الملائكة عن الله بالسلام، فتستأذن عليهم حتى تدخل عليهم بالتحيّة من عند الله والكرامة والهدية، وبأن الله عنهم راضٍ، ويسلّم أهل الجنة بعضهم على بعض بالسلام، وهو تحيّة أهل الجنة.

وذكر بعضهم أن طوبى شجرة في الجنة، وقد وصفناها قبل هذا الموضع.

وهي مجلس من مجالس أهل الجنة ومتحدثهم فيما بينهم. فبينما هم في ظلها ذات يوم يتحدّثون إذ أتتهم الملائكة بنوق بُخْتٍ، مزمومة بسلاسل الذهب، كأنما وجوهها المصابيح من حسنها، ذلِّلن من غير مهانة، نُجُبٍ من غير رياضة، عليها رحائل الذهب، وكسوتها سندس وإستبرق، حتى تدفع إليهم، تم يسلّمون عليهم ويقولون: إن ربكم بعث إليكم بهذه الرواحل لتركبوها وتتفسحوا في الجنة، وتنظروا إلى ما أعدّ الله لكم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب أحد مثله. قالِ: ويتحوّل كل رجل منهم على راحلته، ثم يسيرون صفّاً في الجنة؛ الرجل منهم إلى جنب أخيه، لا تجاوز أذنُ ناقة منها أذنَ صاحبتها، ولا ركبة ناقة منها ركبةَ صاحبتها. وإنهم ليمرّون بالشجرة من شجر الجنة فتتأخر من مكانها، فيرسل إليهم ربهم الملائكة بالسلام؛ فيقولون: ربنا أنت السلام، ومن عندك السلام، ولك حق الجلال والإِكرام، فيقول لهم: وعليكم السلام مني، وعليكم رحمتي ومحبّتي. مرحباً بعبادي الذين أطاعوني بالغيب، وحفظوا وصيتي. فيقولون: لا وعزّتك، ما قدرناك حقّ قدرك، وما أدَّينا إليك كلّ حقِك، إيذن لنا يا ربّنا أن نسجد لك. فيقول: وعزتي وجلالي إني وضعت عنكم مؤونة العبادة، وقد أفضيتم إلى كرامتي، وبلغ الموعد الذي وعدتكم، تمنّوا، فإن لكل إنسان منكم ما تمنّى... وقد بقي من هذا الحديث شيء كثير، وهو في أحاديث الجنّة.