الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ وَقالَ الشَّيْطَانُ } يعني إبليس { لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ } أي: لما حكم وفصل بين العباد، وقضي بينهم بالقسط، فأبان الله أهل الجنة من أهل النار، قام إبليس خطيباً بإذن الله، وبئس الخطيب، يريد الله بذلك توبيخ أهل النار، فيسمع الخلق كلهم فقال: { إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ } أي: وعدكم الجنة على التّمسك بدينه، والحفظ لحدوده { وَوَعَدتُّكُمْ } أنا { فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ } أستكرهكم به { إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ } أي: بالوسوسة { فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ } أي: ما أنا بمغيثكم من عذاب الله { وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ } أي: بمغيثي من عذاب الله { إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } أي: في الدنيا أي: عصيت الله قبلكم.

وقال بعضهم: { بِمَا أشْرَكْتُمُونِ } أي: مع الله في الطاعة لي في الشرك به.

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا جمع الله الأولين والآخرين فقضى بينهم وفرغ من القضاء قال المؤمنون: قد قضى بيننا ربنا، فمن يشفع لنا إلى ربنا. قالوا: فانطلِقوا إلى آدم عليه السلام، فإنه أبونا، وخلقه الله بيده وكلمه. فيأتونه ويكلمونه أن يشفع لهم، فيقول آدم: عليكم بنوح. فيأتون نوحاً، فيدلّهم على إبراهيم عليه السلام. ثم يأتون إبراهيم فيدلّهم على موسى عليه السلام، ثم يأتون موسى فيدلّهم على عيسى، صلى الله عليه، ثم يأتون عيسى فيقول: أدلكم على النبي الأمّيّ محمد صلى الله عليه وعلى جميع الأنبياء والرسل، فيأذن الله لي أن أقوم. فأثني عليه، وأقوم فيفور من مجلسي أطيب ريح شمّها أحد، حتى أقوم المقام المحمود الذي وعدني ربي أن أقومه، وأسأل ربي الشفاعة للمؤمنين فيشفّعني، ويجعل لي نوراً من شعر رأسي إلى ظفر قدمي، ثم يقول الكافرون عند هذا: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، فقم أنت فاشفع لنا، فإنك أنت أضللتنا. فيقوم فيفور من مجلسه أنتن ريح شمّها أحد ثم يعظهم بجهنم، ويقول عند ذلك { إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ... } " إلى آخر الآية.

قوله: { إِنَّ الظَّالِمِينَ } أي: المشركين والمنافقين { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: موجع.