الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } * { مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ } * { يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ }

قوله: { وَاسْتَفْتَحُوا } يعني الرسل كلهم في تفسير مجاهد؛ دعوا على قومهم فاستجاب لهم.

وفي تفسير الكلبي: لما دعا عليهم الرسل قال قومهم: اللهم إن كان رسلنا صادقين فيما يقولون فأهلكنا، وإن كانوا كاذبين فأهلكهم.

قال بعضهم: استنصرت الرسل على قومها حين استيقنوا أنهم لا يؤمنون.

قال الله: { وَخَابَ } أي: وخسر { كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } وهو المشرك. قال مجاهد: معاند للحق مجتنبه.

قوله: { مِّن وَرَائِهِ } أي: من بعد هذا العذاب الذي كان في الدنيا { جَهَنَّمُ } أي: عذاب جهنم. { وَيُسْقَى مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ } والصديد غسالة أهل النار، أي: ما يسيل من جلودهم من القيح والدم. وقال بعضهم: هو ما يسيل من بين جلده ولحمه.

{ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ } أي: من كراهيته له؛ وهو يسيغه، لا بد له منه، فتتقطع أمعاؤه. { وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } وهي النار لشدة ما هم فيه، ولكن الله عزّ وجلّ قضى عليهم ألا يموتوا. هذا تفسير الحسن. وبعضهم يقول: حيات وعقارب تنهشه من كل ناحية. { وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } كقوله:فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } [النبأ:30].

ذكروا أن رجلاً من أصحاب النبي عليه السلام قال: لما ذكر الله النار قلت: ابن آدم ضعيف، فإنما تكفيه لذعة من النار حتى يقضي. ثم أنزل الله: { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ } ولاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى } [سورة طَهَ: 74] فقلت: الآن حين أخذ الله نقمته من أعدائه.

ذكروا عن عبدالله بن مسعود قال: غلظ جلد الكافر سبعون ذراعاً، وضرسه مثل أُحُد، وفخذه مسيرة يومين، وزاد فيه بعضهم عن ابن مسعود: وإني لأظنه يشغل من جهنم مثل ما بيني وبين المدينة. وبلغنا عن بعضهم قال: أهل النار يعظمون لها ولولا ذلك لألهبتهم كما تلهب الذبّان.