الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ }

قوله: { وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي: من قبل مشركي هذه الأمة، فكان مكرهم في تباب، أي: في خسار.

قال الله: { فَلِلَّهِ المَكْرُ جَمِيعاً } فمَكَر بِهِم؛ أهلكهم أحسن ما كانوا في دنياهم حالاً وأعزَّه. وقال في آية أخرى: { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ. ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الحَسَنَة } أي: مكان الشدة الرخاء { حَتَّى عَفَوا } أي: حتى كثروا { وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ ءَابَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ } أي: قد أتى على آبائنا مثل هذا فلم يكن شيء. قال الله: { فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً } أي: فجأةوَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [الأعراف:94-95].

قوله: { يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } أي: ما تعمل كل نفس { وَسَيَعْلَمُ الكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ } أي: لمن الجنة.

قوله: { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا } أي: يقولون لمحمد { لَسْتَ مُرْسَلاً } أي: لستَ برسول الله. { قُلْ } يا محمد { كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ } أي: إني مرسل.

وهو كقوله:الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } [سورة البقرة:146] أي: يعرفون أن محمداً رسول الله؛ بل معرفتهم لمحمد أنه رسول الله، لِمَا جَاءتهم به أنبياؤهم وما يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإِنجيل، أثبتُ؛ لأن أبناءهم لا يدرون ما أحدثت نساؤهم فيهم؛ ومحمد لا يشكّون أنه رسول الله، بما جاءتهم به أنبياؤهم من عند الله، وبما وجدوا في كتبهم التي أنزلها الله عليهم.

ذكروا عن عبد الله بن سلام قال: فيّ نزلت هذه الآية: { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ }.

قال الحسن: هو الله. وقال بعضهم: علم الكتاب أي: أصل الكتاب وجِماعه.

وبعضهم يقرأ هذا الحرف: { وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الكِتَابِ } يقول: من عند الله علم الكتاب.

وقال بعضهم: { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسِلاً } يعني مشركي العرب. { قُلْ } يا محمد { كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ } قال: قد كان من أهل الكتاب قوم يهدون بالحق ويعرفونه؛ منهم عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وكعب.