الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ قُلْ أَفَٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } * { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَاطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ } * { لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }

قوله: { قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللهُ } هو مثل قوله:قُلْ مَن رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } [المؤمنون:86-87] قال الله: فإذا أقروا بذلك اي: أنه الله فـ { قُلَ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } وهو على الاستفهام. { لاَ يَمْلِكُونَ لأِنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً } ولا تغني عنهم أوثانهم التي يعبدون من دون الله. وهذا استفهام على معرفة. أي: قد فعلتم.

{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ } وهذا مثل الكافر والمؤمن؛ الكافر أعمى عن الهدى، والمؤمن أبصر الإِيمان. { أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ } على الاستفهام، أي: إن ذلك لا يستوي.

{ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ } يقول: هل يدَّعون أن تلك الأوثان خلقت مع الله شيئاً، فلم يدروا أي الخالقين يعبدون؟ هل رأوا ذلك. وهل يستطيعون أن يحتجوا به على الله يوم القيامة؟ أي: إنهم لا يدّعون ذلك، وإنهم يعرفون أن الله خالق كل شيء، فكيف يعبدون هذه الأوثان من دون الله. وهذا تفسير الحسن.

ثم قال الله: { قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ }.

وقال مجاهد: { أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ } فحملهم ذلك على أن شكّوا في الأوثان، فاتخذوهم آلهة.

قوله: { أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } الكبير بقدره، والصغير بقدره { فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً } أي: عالياً، يعني الزبد الذي قد ربا فوق الماء.

{ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ } هذه ثلاثة أمثال في مثل واحد ضربها الله للمؤمن والكافر.

فأما قوله: { وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ } فإنه يعني الذهب والفضة إذا أذيبا، فعلا خبثهما، وهو الزبد، فخلص خالصهما تحت ذلك الزبد. { أَوْ مَتَاعٍ } أي: وابتغاء متاع، ما يستمتع به، زبد مثله، أي: مثل زبد الماء. والذي يوقد عليه ابتغاء متاع هو الحديد والنحاس والرصاص إذا صُفِّيَ ذلك أيضاً فخلص خالصه وعلا خبثه، وهو زبده.

قال الله: { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ }.

قال: { فَأَمَّا الزَّبَدُ } زبد الماء وزبد الحلي وزبد الحديد والنحاس والرصاص { فَيَذْهَبُ جُفَاءً } أي: باطلاً لا ينتفع به، وهذا مثل عمل الكافر لا ينتفع به في الآخرة { وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ } أي: فينتفع بالماء، فينبت عليه الزرع والمرعى، فينتفع به. وينتفع بذلك الحلي والمتاع الخالص من الصفر والحديد والرصاص. فهذا عمل المؤمن يبقى ثوابه في الآخرة.

قوله: { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثالَ }. ثم فسّر تلك الأمثال فقال:

{ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ } أي: آمنوا بربهم { الحُسْنَى } أي: الجنة. { وَالّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ } أي: الكفار { لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ }.

السابقالتالي
2