الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يٰأَبَانَا إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } * { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلْعِيْرَ ٱلَّتِيۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ }

{ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَاَ إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا } أي: من سرقته { وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } أي: ما كنا نرى أنه يسرق.

قال: { وَاسْئَلِ القَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا } أي: أهل القرية { وَالعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا } أي: أهل العير التي أقبلنا فيها { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ }.

قالوا ذلك له فلم يصدقهم و { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ } أي: زيَّنت لكم أنفسكم { أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ }. قال مجاهد: الصبر الجميل: الذي ليس فيه جزع. كان مفزع يعقوب في يوسف وأخيه جميعاً إلى الصبر الجميل الذي لم يخالطه الجزع. وكل صبر فيه جزع فليس بجميل.

قوله: { عَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً } أي: يوسف وأخيه [وروبيل] { إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ } أي: العليم بخلقه { الحَكِيمُ } أي: في أمره.

{ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ } أي: وأعرض عنهم { وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ } أي: يا حزنا على يوسف { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ } أي: عمي { مِنَ الحُزْنِ } على يوسف. وقد علم بما أعلمه الله بالوحي أن يوسف حي، وأنه نبي، ولكنه لا يعلم حيث هو، فمكث يبكي. { فَهُوَ كَظِيمٌ } أي: قد كظم على تردد حزنه في جوفه.

وبلغنا أن جبريل عليه السلام دخل على يوسف صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء في السجن، فقال له يوسف: أيها الملك الطاهر المطهَّر، الكريم على الله، ما أدخلك هذا المكان الرجس النجس مع القوم الظلمة. قال جبريل: إن المكان الذي تكون فيه ليس بنجس. فقال له يوسف: أيها الملك الكريم على الله، أخبرني ما بلغ وجد يعقوب على يوسف؟ قال: وجد سبعين ثكلى. قال: فما بلغ منه؟ قال: ذهب بصره. قال فما بلغ أجره؟ قال: على قدر ذلك.

وذكر بعضهم أن ملك الموت دخل على يعقوب فقال له يعقوب: أيها الملك الكريم على ربه، أسألك بعظمة إلاهك وجبروته هل قبضت روح يوسف فيما قبضت من الأرواح؟ فقال: لا والله ما قبضت روحه وإنه لحي كما أنك حي.