قوله: { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ } والعرش هو السرير { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً } قال الحسن: خرّوا له بأمر الله، أمرهم بالسجود له لتأويل الرُّؤيا. قال بعضهم: كان السجود تحية من كان قبلكم، وأعطى الله هذه الأمة السلام، وهي تحيّة أهل الجنة. وقال بعضهم: كان سجودهم لله تلقاء يوسف. { وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُءْيَايَ مِنْ قَبْلُ } أي: تحقيق رؤياي من قبل { قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً }. قوله: { وَقَدْ أَحْسَنَ بِيَ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ البَدْوِ }. وكانوا بأرض كنعان، أهل مواشِ وبرّيّه { مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ } أي: لطف بيوسف حتى أخرجه من الجب ومن السجن، وجمع له شمله وأقرّ عينه. { إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ }. قوله: { رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ } وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. { فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي: خالق السَّماواتِ والأرض { أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالأَخِرَةِ } أي: لا أتولى في الدنيا والآخرة غيرك. { تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } أي: بأهل الجنة. وقال بعضهم: لما جمع الله شمله، وأقر عينيه ذكر الآخرة فاشتاق إليها فتمنى الموت؛ قال: " فلم يتمنى نبي قط الموت قبل يوسف عليه السلام ". قوله: { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الغَيْبِ } أي: من أخبار الغيب، يعني ما قص من قصتهم من أول السورة إلى هذا الموضع. { نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ } أي: عندهم { إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } أي: بيوسف إذ يلقونه في الجب.