الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } * { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ } * { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }

قوله: { وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا } أي: بأمرنا { وَوَحْيِنَا } أي: وبوحينا فعملها على مثل جؤجؤ الطير. قال بعضهم: رأسها مثل رأس الحمامة، وذنبها مثل ذنب الديك.

قوله: { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ } ، أي: ولا تراجعني في الذين ظلموا أنفسهم بشركهم { إِنَّهُم مَّغْرَقُونَ }.

قال: { وَيَصْنَعُ الفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ } أي: إن نوحاً عمل الفلك بيده، فكان يمر عليه الملأ من قومه، فيقولون له استهزاءً به: يا نوح، بينما تزعم أنك رسول رب العالمين إذ صرت نجّاراً.

{ قَالَ } لهم: { إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ }. وكان الرجل من قومه يأخذ بيد ابنه فيذهب به إلى نوح فيقول: يا بُنَيّ، لا تطع هذا، فإن أبى قد ذهب بي إليه، وأنا مثلك، فقال لي: لا تطع هذا.

قوله: { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } يعني عذاب الدنيا، أي: الغرق.

قال: { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } أي: دائم في الآخرة. وهي تقرأ على وجهين: يحِل ويحُل؛ فمن قرأها: ويحل، أي: يجب. ومن قرأها: ويحُل: أي وينزل به.

قوله: { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ } والتنور في تفسير الحسن: الباب الذي يجتمع فيه ماء السفينة؛ ففار منه الماء، والسفينة على الأرض. [فكان ذلك علامة لإِهلاك القوم].

وقال بعضهم: التنور عين ماء كانت بالجزيرة يقال لها التنور.

وبعضهم يقول: كان التنور في أقصى داره. وقال بعضهم: كان التنور أعلى الأرض وأشرفها.

وقال مجاهد: { وَفَارَ التَّنُّورُ } حين ينبجس الماء منه. فأوحى الله إليه إذا فار التنور أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين، وهو قوله:

{ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } أي: من كل صنف اثنين. والزوج هو الواحد، والزوجان اثنان. وقال مجاهد: ذكر وأنثى من كل صنف. فحمل فيها من جميع ما خلق الله من البهائم والهوام والسباع والدواب، دوابّ البر والبحر والطير والشجر. وشكوا إلى نوح في السفينة الزبل، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نوح أن يمسح بيده على ذنب الفيل، ففعل؛ فخرج منه خنزيران كانا يأكلان الزبل. وشكوا إليه الفار، فأوحى الله إلى الأسد، أي ألقى في قلبه، مثل قوله تعالى:وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ } [النحل:68]، فعطس الأسد فخرج من منخريه سنّوْران فكانا يأكلان الفار. وشكوا إلى نوح عرامة الأسد، فدعا عليه نوح فسلط الله عليه الحمى، فقال له نوح: " إزناتاعت لسري " وهي بالسريانية. فقال له نوح: أيها الأسد: أتريد لحماً؟ فأومأ الأسد: لا.

قوله: { وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ } أي: الغضب، وهو ابنه الذي غرق، وقال الحسن: { مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ } أي: كل من غرق يومئذٍ.

السابقالتالي
2