{ فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتِّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } أي: سفلتنا { بَادِيَ الرَّأْيِ } أي: فيما ظهر لنا { وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } أي: في الدين { بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } يعنون نوحاً ومن آمن معه.
{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي } أي: بيان من ربي { وَءَاتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ } يعني بالرحمة النبوةّ { فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ } أن تبصروها بقلوبكم وتقبلوها. { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ }. وقد علم الله أنه على بيّنة من ربّه، وهذا استفهام على معرفة.
{ وَيَا قَوْمِ لاَ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي: على ما أدعوكم إليه من الهدى { مَالاً } فإنما يحملكم على ترك الهدى المالُ الذي أسألكموه. { إِنْ أَجْرِيَ } أي: ثوابي { إِلاَّ عَلَى اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ } فيحاسبهم بأعمالهم.
وقد قال الله في آية أخرى:{ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ } [الشعراء:113]. { وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ }.
{ وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ } أي: من عذاب الله، فيمنعني من الله حتى لا يعذبني { إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }.
وقال أهل الحرم من مشركي العرب للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إن أردت أن نجالسك فاطرد عنا فلاناً وفلاناً، فقال الله:{ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } [الأنعام:52] وقال في آية أخرى: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } إلى غيرهم{ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا } [الكهف:28].