قوله: { وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِاللهِ } وقد علم أنهم قد آمنوا وصدقوا، ولكنه كلام من كلام العرب. تقول: إن كنت كذا فاصنع كذا، وهو يعلم أنه كذلك، ولكنه يريد أن يعمل بما قال له. قال: { فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } أي: إن كنتم مؤمنين فامضوا على ما يأمركم به الله. { فَقَالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }. ذكروا أن مجاهداً قال: قالوا: لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون، ولا بعذاب من عندك، فيقول فرعون وقومه: لو كان هؤلاء على حق ما عذِّبوا وما سُلِّطنا عليهم [فيفتتنوا بنا] { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ القَوْمِ الكَافِرِينَ } أي: من فرعون وقومه. قوله: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً }. قال مجاهد: حين خاف موسى ومن معه من فرعون أن يصلوا في مساجد ظاهرة أمروا أن يجعلوا في بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سراً. وقال الحسن: كانت قبلة النبيين كلهم الكعبة؛ قال بعضهم إلا ما صلى النبي عليه السلام إلى بيت المقدس، ثم صرف إلى الكعبة. وقال الحسن: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } أي: حين دخل موسى وبنو إسرائيل مصر بعد ما أهلك الله فرعون وقومه، أمروا أن يبنوا بمصر بيوتاً، أي: مساجد مستقبلة القبلة. كقوله:{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } [النور:36] يعني المساجد. قال: { وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ } أي: بالجنة.