{ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ } ذكر بعضهم قال: فضل الله الإِسلام، ورحمته القرآن. قوله: { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } إن كانوا فرحين. قال الحسن: فبذلك فليفرحوا. { هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } أي: في الدنيا. وبعضهم يقرأها: { فَلْيَفْرَحُوا } يعني المؤمنين. { هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } أي: مما يجمع الكفار. قوله: { قُلْ أَرَءَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً } يعني مشركي العرب. وإنما أرزاق العباد من المطر؛ به ينبت زرعهم، وتعيش ماشيتهم { فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً } أي: ما حرموا من الأنعام من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وما حرَّموا من زروعهم؛ وهو قوله:{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا: هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا } [الأنعام:136] أي: لأوثاننا التي كانوا يعبدونها من دون الله. قال: الله لمحمد عليه السلام: { قُلْ ءَآللهُ أَذِنَ لَكُمْ } يعني أمركم بما صنعتم من ذلك { أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ } وهو على الاستفهام، أي: إنه لم يفعل ذلك. ثم أوعدهم على ذلك فقال: { وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ يَوْمَ القِيَامَةِ } وهو على الاستفهام، يقول: ظنهم أن الله سيعذبهم، وظنهم ذلك في الآخرة يقين منهم. وقد كانوا في الدنيا لا يقرون بالبعث، فلما صاروا إلى الله علموا أن الله سيعذبهم. ثم قال: { إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ } أي: بما أنعم عليهم وبما أرسل إليهم الرسل { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } أي: لا يؤمنون. قوله: { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ } يعني النبي عليه السلام، أي: في شأن من حوائجك في الدنيا { وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِن قُرْءَانٍ } يعني النبي عليه السلام { وَلاَ تَعْمَلُونَ } يعني العامة { مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً } أي: بذلك { إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } أي: في ذلك العمل أجمع { وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ } أي: وما يضل عن ربك، وبعضهم يقول: وما يغيب عن ربك { مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ } أي: وزن ذرة. { فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ } أي: حتى لا يعلمه ولا يعلم موضعه { وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } أي: بيّن عند الله. يحذر الله العباد ويخبرهم أنه شاهد لأعمالهم.