الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ }

قوله: { هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ }. ذكروا أن مجاهداً قال: هنالك تختَبِر كل نفس ما أسلفت، أي تختَبِر ثواب ما أسلفت في الدنيا.

وقال بعضهم عن مجاهد: تخبُر. وهي تقرأ على وجه آخر: { هُنَالِكَ تَتْلُوا } أي تتبع كل نفس ما أسلفت.

ذكروا عن ابن مسعود أنه قال: تحشر الأمم بأوثانها وما كانت تعبد من دون الله.

قوله: { وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الحَقِّ } والحق اسم من أسماء الله. وهو كقوله { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ }. وكقوله:ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ البَاطِلُ } [لقمان:30].

قوله: { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } عن عبادتهم الأوثان.

ثم قال للنبي عليه السلام: { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } وهو على الاستفهام { أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ } أي: أن يذهبهما أو يبقيهما. { وَمَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ } يعني النطفة والحبة. أي: يخرج من النطفة الميتة الخلق الحي، ويخرج من الخلق الحي النطفة الميتة، ويخرج من الحبة اليابسة النبات الحي، ويخرج من النبات الحي الحبة اليابسة. وهذا تفسير مجاهد.

وقال الحسن: يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن.

{ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ } أي فيما يحيي ويميت، ويقبض ويبسط، وينزل الغيث، ويدبّر الأمر في السماوات والأرض. { فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي: الله. وأنتم تقرون بالله عزّ وجلّ أنه هو الذي يفعل هذه الأشياء ثم لا تتقونه، وتعبدون هذه الأوثان من دون الله.

{ فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ } أي الذي تقرون أنه خلقكم؛ والأوثان هي الباطل، أي: الأموات، لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون.

{ فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ } والحق هو الله. يقول: فماذا بعد الحق { إِلاَّ الضَّلاَلُ } أي: إلا هذه الأوثان. وقال بعضهم: الباطل: إبليس. قوله في سبأ: { قُلْ جَاءَ الحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ البَاطِلُ } يعني إبليس، يقول: وما يبدىء إبليس خلقاًوَمَا يُعِيدُ } [سبأ:49] أي: وما يعيده كما لم يبدئه، فكذلك لا يعيده، والله هو المبدىء وهو المعيد.

قوله: { فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } أي: فكيف تصرف عقولكم فتعبدون غيره، وأنتم مقِرّون أنه خالق هذه الأشياء.