{ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ } أي يكفرون في الأرض ويفسدون فيها، ويعبدون غير الله، وذلك بغي في الأرض. ثم قال: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم } يعني بالناس في هذا الموضع المشركين. { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم } يعني أنه يصير عليكم ثوابه، أي النار ثواب البغي والكفر. { مَّتَاعَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا }. يقول: وإنما بغيكم وكفركم في الدنيا، ثم ينقطع فترجعون إلى الله. وهو قوله: { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }. ثم ضرب مثل متاع الحياة الدنيا فقال: { إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ }. قال بعضهم: فأخرجت الأرض ألوانها من النبات. وقال بعضهم: فاختلط ذلك الماء بالنبات الذي أنبت الله بذلك الماء. { مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا } أي زينتها، أي من نباتها من صفرة وحمرة وخضرة. { وَازَّيَّنَتْ } يعني الزينة من زهرتها { وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا } أي: أن ذلك الزرع في أيديهم { أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً } أي: قد حصد وذهب أجمع. { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ } أي: كأن لم يكن ذلك الزرع بالأمس قائماً. قال: { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ } أي نبيّن الآيات { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }. يقول: فالذي أنبث هذه الزرع في الأرض المواتِ حتى صار زرعاً حسناً، فاهتز فأخرج زينته، ثم أهلكه بعد حسنه وبهجته، قادر على أن يحيي الموتى. وهو كقوله:{ كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ } [الكهف: 45] قال: { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي: إنما يقبل ذلك ويعقله المتفكرون، وهم المومنون. وهو كقوله:{ وَمَا يَعْقِلُهَا إلاَّ العَالِمُونَ } [العنكبوت: 43].