{ إنما يعمر مساجد الله } ، قيل: جميع المساجد، وقيل: مسجد الكعبة وعمارتها بلزومها والعبادة فيها، وتلاوة القرآن، وذكر الله، ومدارسة العلم، وقيل: القيام بأمرها وعمارتها والوجه الأول، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " يأتي آخر الزمان ناس من أمتي يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقا ذكرهم الدنيا وحب الدنيا، فلا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة " وجاء في الحديث: " الحديث في المسجد الحرام يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش " ، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " من ألف المسجد ألفه الله تعالى " ، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالايمان " ، وعن أنس: من أسرج في مسجد سراجاً لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في المسجد ضوؤه { فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين } وعسى من الله واجب فتقديره: فهم المهتدون { أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام } ، روي أن المشركين قالوا لليهود: ونحن سقاة الحاج وعمار المسجد الحرام، أفنحن أفضل أم محمد وأصحابه؟ فقالت اليهود: أنتم أفضل، فنزلت الآية، وقوله: { كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهدوا في سبيل الله } الآية نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) { الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم } الآية يعني: { أعظم درجة } من أهل السقاية والعمارة { وأولئك هم الفائزون } لا أنتم والمختصون بالفوز دونكم، وقيل: نزلت في علي (عليه السلام) والعباس وطلحة بن شيبة تفاخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت، وقال العباس: أنا صاحب السقاية، وقال علي (عليه السلام): " لقد صليت إلى القبلة قبل الناس وأنا صاحب الجهاد " ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية المتقدمة من قوله تعالى: { أجعلتم سقاية الحاج } ، وقيل: لما نزلت الآية قال العباس: إذا نرفضها يا رسول الله؟ فقال: " أقيموها فإن لكم فيها خيراً " يعني ثواباً { يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء ان استحبوا الكفر على الايمان } ، قيل: أراد الموالاة في الدين { ومن يتولَّهم منكم } فيطلعهم على سرائر المسلمين وترك طاعة الله تعالى { فأولئك هم الظالمون } { قل } ، يا محمد { إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم } بالنسب { وأزواجكم وعشيرتكم } أقاربكم { وأموال اقترفتموها } اكتسبتموها، وعن ابن عباس: الآية في المهاجرين خاصة كان قبل فتح مكة، من آمن لم يقبل إيمانه إلاَّ بأن يهاجر ويصارم أقاربه الكفرة ويقطع موالاتهم، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا يطعم أحدكم طعم الايمان حتى يحب في الله أبعد الناس ويبغض في الله أقرب الناس إليه " { ومساكن ترضونها } فتسكنونها، وقيل: هي القصور { أحب إليكم من الله } من الجهاد والهجرة { فتربَّصوا } انتظروا، وفيه وعيد وزجر عظيم { حتى يأتي الله بأمره } ، قيل: العذاب أما معجلاً وأما مؤجلاً، وقيل: بقضائه، وقيل: بالموت، وعن ابن عباس: هو فتح مكة، وعن الحسن: عقوبة عاجلة، وهذه آية شديدة لا أشد منها ثم عقب تعالى بعد ذلك في قصة حنين.