الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ } * { أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ الذين اتخذوا مسجداً ضراراً } ، " روي أن بني عمرو بن عوف لما عمروا مسجد قبا بعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأتيهم فأتاهم فصلى فيه فحسدهم إخوانهم بنو غانم بن عوف، وقالوا: نبني مسجداً ونرسل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيصلي فيه ويصلي فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام ليثبت لهم الفضل والزيادة على إخوانهم، وهو الذي سماه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الفاسق فبنوا مسجداً إلى جنب مسجد قبا وقالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): مسجداً لذوي العلة والحاجة والليلة المطيرة ونحن نحب أن تصلي لنا فيه وتدعو لنا بالبركة، فقال: " إني على جناح سفر وحال شغل فإذا قدمنا إن شاء الله صلينا فيه " فلما قدم من غزوة تبوك سألوه اتيان المسجد فنزلت الآية، فدعى بمالك ومعر بن عدي وعامر وقال لهم: " انطلقوا الى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه واحرقوه " وأمر (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتخذوا مكانه كناسة يلقي فيها الجيف والقمامة " ، ومات أبو عامر بالشام، وقوله: { ضراراً } مضاررة لإخوانهم أهل قبا، { وتفريقا بين المؤمنين } لأنهم كانوا يصلون جميعاً في مسجد قبا فأرادوا أن يتفرقوا عنه وتختلف كلمتهم { وإرصاداً } اي أعداداً لأجل من حارب الله ورسوله وهو الراهب { لا تقم فيه أبداً } ذلك أمر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدما أخبره بسرائرهم { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم } من أيام وجوده، قيل: هو مسجد المدينة، وقيل: مسجد قبا { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } ، قيل: هم الأنصار، وقيل: هم أهل قبا، وقيل: هو عام في المتطهرين من النجاسات كلها، وقيل: المتطهرين من الذنوب بالتوبة، قوله تعالى: { أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار } أي ساقط منهدم، وقيل: هذا مثل اتخاذهم مسجداً على معصية الله سبحانه، يعني أن أهل المسجد يصيرون بعملهم الى نار جهنم، وقيل: يهوى مسجدهم يوم القيامة في نار جهنم قال في الغرائب: هارئون، قال: والأصل هائر فقلب وحذفت العين، وقوله: { فانهار به } أي انهار الشفا بالبناء، وقيل: انهار البناء بالباني، وعن جابر بن عبد الله قال: رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار حين انهار، قوله تعالى: { لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم } ، قيل: شكاً ونفاقاً، وقيل: شكاً في النبوة لأنهم لما بنوه وأطلع الله تعالى رسوله على فعلهم شكوا في نبوته وما رجعوا عن الكفر بغضاً، وقيل: حسرة وندامة لأنهم ندموا على بنائه { إلا أن تقطع قلوبهم } ، قيل: إلا أن يموتوا فتصير قلوبهم إلى التقطيع والبلاء، وقيل: تصير قلوبهم قطعاً وتفرق أجزاء فحينئذ يسألون عنه وأما ما دامت سالمة مجتمعة فالريبة فيه، وتقطع بفتح التاء، بمعنى ينقطع { والله عليم } بأعمالهم فيجازيهم بها { حكيم } في خلقه وما يفعل بهم.