الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }

{ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك } وذلك أن قريشاً لما أسلمت الأنصار وبايعوه اجتمعوا في دار الندوة متشاورين في أمره فدخل عليهم ابليس لعنه الله تعالى في صورة شيخ فقال: أنا شيخ من نجد دخلت مكة فسمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم ولن تعدموا مني رأياً، فقالوا: تحبسونه في بيت وتشدوا وثاقه، فقال ابليس: بئس الرأي يأتيكم من يقاتلكم من قومه، فقال هشام بن عمرو بن عروة: تخرجونه من بين أظهركم، فقال ابليس: بئس الرأي يفسد قوماً غيركم ويقاتلكم بهم، فقال أبو جهل: تأخذون من كل بطن غلاماً فتضربونه ضربة رجل واحد، فيفترق دمه فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريش كلهم، فقال الشيخ: صدق هذا الفتى هذا أجودكم رأياً، فتفرقوا على رأي أبي جهل مجمعين على قتله، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمره أن لا يبيت في مضجعه، وأذن الله له في الهجرة، ونام علي (عليه السلام) في مضجعه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: " اتشح ببردتي فإنه لا يصل إليك أمراً تكرهه " ثم خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال في الثعلبي: وجعل (صلى الله عليه وآله وسلم) ينثر التراب على رؤوسهم ومضى إلى الغار في ثور وهو جبل فدخل فيه هو وأبو بكر وخلف علي (عليه السلام) بمكة حتى يؤدي الودائع وبات المشركون يحرسون عليَّاً الى الصباح، وقالوا له: أين صاحبك؟ وقد رد الله مكرهم، فمكث في الغار ثلاثة أيام ثم قدم المدينة، وقوله: { ليثبتوك } أي يشدوك { وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا } الآية نزلت في النضر بن الحرث وكان النضر يختلف بتجارة له إلى الشام إلى بلاد فارس، وهو المعنى بقوله: { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك } ، وقيل: نزلت في كفار قريش قالوا ذلك تمرداً، وقولهم: { هذا أساطير الأولين } أي أخبار الأمم الماضية { فأمطر علينا حجارة من السماء } كما أمطرتها على قوم لوط { أو ائتنا بعذاب أليم } أي ببعض ما عذب به الأمم قال عطا: لقد نزل في النضر بن الحرث بضع عشر آية من كتاب الله تعالى، قال في الثعلبي: " وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قتل يوم بدر ثلاثة من قريش صبراً: المطعم بن عدي، وعقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحرث، وكان النضر أسير المقداد فلما أمر بقتله قال المقداد، أسيري يا رسول الله؟ قالها ثلاثاً: فقال: " اللهم أغن المقداد من فضلك " فقال المقداد: هذا الذي أردت " { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } الآية يعني فيهم بقية من المؤمنين يستغفرون الله تعالى بعد خروج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن عذاب الاستئصال يعمّ ولو عذب لعذاب هؤلاء المؤمنون المستغفرون، ولما خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عذبهم بالسيف { وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام } ، قيل: كانوا يصدون المؤمنين، وقيل: صدوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عام الحديبية وكانوا يقولون نحن ولاة البيت، قال في الثعلبي: وقوله: { وما كان الله معذبهم } الآية فأما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد مضى، وأما الاستغفار فهو كائن فيكم إلى يوم القيامة، وقال عكرمة: وهم يستغفرون أي يصلون.