الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَٱصْبِرُواْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } * { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ } * { فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ }

قوله تعالى: { وإلى مدين } أي وأرسلنا إلى مدين وهو مدين بن ابراهيم خليل الرحمن، وقيل: مدين اسم موضع، وقيل: اسم جد شعيب ( عليه السلام)، وقيل: هم أصحاب الأيكة، وقال عطاء: هو شعيب بن ثوبة بن ابراهيم (عليه السلام)، وقال ابن اسحاق: هو شعيب بن ثوبة بن إبراهيم فقال لهم: { يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم } حجة وبرهان، وهو المعجزة الذي أظهرها الله عليه { فأوفوا الكيل والميزان } يعني ما يكيلون على الناس وما يزنون عليهم بالميزان { ولا تبخسوا الناس أشياءهم } يعني لا تنقصوا حقوقهم، وقيل: البخس الظلم { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } ، قيل: لا تفسدوا فيها بالعصيان من سفك الدماء، واستحلال المحارم بعد إصلاحها ببيان الدين وإرسال شعيب { ذلكم } الذي ذكرت { خير لكم إن كنتم مؤمنين } مصدقين بما أقول لكم، قوله تعالى: { ولا تقعدوا بكل صراط توعدون } الناس، وقيل: كانوا يقعدون على طريق من قصد شعيباً للايمان فيخوفونه بالقتل وكانوا يقطعون الطريق { وتصدون عن سبيل الله } عن دين الله { وتبغونها عوجاً } وذلك أنهم كانوا يقعدون على الطريق يخبرون من قصد شعيباً للايمان به ويقولون: إن شعيباً كذاب فلا يفتنك عن دينك، و { واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم } ، قيل: كثر عددكم بالغنى بعد الفقر { وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين }. قوله تعالى: { قال الملأ الذين استكبروا من قومه } ، يعني الرؤساء الذين تعظموا عن الإِيمان به { أو لتعودن في ملتنا } أي شريعتنا أي تدعون دينكم وتصيرون إلى ديننا، فإن قيل: كيف؟ قال: تعودون في ملتنا ولم يكونوا فيها، قيل: لأن الذين اتبعوا شعيباً كانوا في دينهم وإلاَّ فشعيب (عليه السلام) لم يكن على ملتهم، وقيل: قالوا هذا القول على وجه التلبيس والايهام على العوام يوهمون عليهم كانوا منهم، وقيل: أن شعيباً وقومه في بدْءِ أمرهم كانوا يخفون أمرهم فكانوا يظنون أنهم على دينهم، قوله تعالى: { بعد إذ نجانا الله منها } أي خلصنا بلطفه وبيانه { وما يكون لنا أن نعود فيها } اختلفوا في قوله فيها الكناية إلى ماذا ترجع؟ قيل: إلى الملة عن أكثر المفسرين، وقيل: إلى القرية وقد تقدم ذكرها في قوله تعالى: { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا } ، ومن قال الكناية راجعة إلى الملة اختلفوا في معنى الآية على أقوال: الأول أن المراد بالملة الشريعة وفي شريعتهم ما يجوز التعبّد به كأنه قيل: ليس لنا أن ندخل فيها إلاَّ أن يتعبّدنا الله بها وينقلنا إليها وينسخ ما نحن فيه من الشريعة، وقيل: { إلا أن يشاء } متعبدنا بما يجوز، وقيل: هنا على وجه البعد كما يقال لا أفعل هذا حتى يبيض الغراب وحتى يلج الجمل في سم الخياط { وسع ربنا كل شيء علماً } أحاط علمه بكل شيء فلا يخفى عليه شيء { على الله توكلنا } ، فيما يوعدنا به { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق } أي اقض بيننا، وقيل: افصل { وأنت خير الفاتحين } أي الحاكمين { وقال الملأ الذين كفروا من قومه } ، قيل: الجماعات، وقيل: الأشراف { لئن اتبعتم شعيباً } يعني في دينه وتركتم دينكم، قيل: خسرتم بما يلحقكم من جهتنا من الأداء، وقيل: خسرتم في الآخرة إذا تركتم دينكم ودين آبائكم { فأخذتهم الرجفة } قيل: الزلزلة، وقيل: أهلكوا بالنار يعني نزلت عليهم نار من السماء فأهلكتهم، وقيل: تزلزلت أرضهم وسقطت ديارهم، وقيل: زلزلوا فأحاطت بهم النار فهلكوا، وقيل: جاءهم حرّ شديد فدخلوا البيوت فدخل عليهم ثم جاءت سحابة فيها ريح طيب فخرجوا إلى البرية حتى اجتمعوا تحت السحابة رجالُهم ونساؤهم وصبيانهم فألهبها الله تعالى ناراً، وزلزلت الأرض، فاحترقوا وصاروا رماداً، وهو قوله تعالى:

السابقالتالي
2