قوله تعالى: { ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة } أي سينادي، { أن أفيضوا علينا } أي صبُّوا وذكر لفظ الافاضة لأن أهل الجنة في أعلى مكان { قالوا } يعني أهل الجنة { إن الله حرمهما على الكافرين } وروي في تفسير الثعلبي عن ابن عباس أنه سئل: أي الصدقة أفضل؟ قال: الماء أما رأيت أهل النار بما استغاثوا بأهل الجنة فقالوا: أفيضوا علينا من الماء { الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً } وهو ما زين لهم الشيطان { وغرَّتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم } نفعل لهم فعل الناسين الذين ينسون عبيدهم من الخير ولا يذكرونهم { كما نسوا لقاء يومهم هذا } يعني كما فعلوا بلقائه فعل الناسين له فلم يهتموا به { ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم } أي عالمين كيف نفصل أحكامه ومواعظه وقصصه وسائر معانيه { هل ينظرون إلا تأويله } يعني إلاَّ عاقبة أمره وما يؤُل إليه من تبيين صدقه وظهور صحة ما نطق به من الوعد والوعيد، قال قتادة: تأويله ثوابه، وقال مجاهد: جزاؤه، قوله تعالى: { إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام } من أيام الدنيا أولها الأحد وآخرها الجمعة، وإنما خلقها في ستة أيام لتشاهد الملائكة حدوث شيء بعد شيء، وقيل: ستة أيام من أيام الآخرة { ثم استوى على العرش } ، قيل: استولى، وقيل: أحدث خلق العرش كما قال تعالى: { ثم استوى إلى السماء } وقيل: العرش الملك، وهو في اللغة السرير { يغشي الليل النهار } أي يلحق الليل بالنهار ويلحق النهار بالليل { يطلبه حثيثاً } أي سريعاً { مسخرات بأمره } أي بارادته يعني أنها تجري على حسب ما يريد { ألا له الخلق والأمر } قوله تعالى: { ادعوا ربكم تضرعاً وخفية } تضرعاً تخشعاً لله وتذللاً في الدعاء وخفيةً قيل: سراً، وقيل: المتضرع والاخفاء السر يقول: ادعوه سراً وعلانية { إنه لا يحب المعتدين } ، قيل: هو الصياح بالدعاء، وقيل: هو الدعاء على المؤمنين { ولا تفسدوا في الأرض } بالشرك والمعصية والدعاء إلى عبادة غير الله تعالى بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل والامر بالحلال { وادعوه خوفاً } من عقابه { وطمعاً } في ثوابه بفعل الطاعات، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " سيكون قوم يعتدون في الدعاء، وحسب المرء أن يقول اللهم إني أسألك الجنة وما يقرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول وعمل " { إن رحمة الله قريب من المحسنين } ، قيل: المحسنين أعمالهم، وقيل: المحسنين إلى الناس، وقيل: المحسنين إلى من أساء إليهم.