قوله تعالى: { أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب } أي حظهم مما كتب لهم من الأرزاق قاله جار الله لا غير، وقيل: أعمالهم التي عملوها وكتب عليهم من خير أو شر فمن عمل شيئاً من خير أو شر جزي به { حتى إذا جاءتهم رسلنا } يعني الملائكة { يتوفونهم } عند الموت { قالوا أين ما كنتم تدعون } يعني تعبدون { من دون الله قالوا ضلوا عنا } ضاعوا ولا ندري أين ذهبوا يعني الأوثان، وبطلت عبادتنا { قال ادخلوا في أمم } ، قيل: القائل لهم هو الملائكة، وقيل: القائل الله عز وجل والأمم الجماعات، قوله تعالى: { كلما دخلت أمة لعنت أختها } المشركة تلعن المشركة، واليهودية تلعن اليهودية، والنصرانية تلعن النصرانية، وكذلك المجوس والصابئون ويلعن الأتباع القادَّة يقولون: لعنكم الله أنتم غررتمونا، قال الله تعالى: { حتى إذا ادّاركوا فيها جميعاً } أي تلاحقوا واجتمعوا في النار، وقيل: حُطُّوا في درك من الدركات { قالت أخراهم لأولاهم } ، قيل: الأتباع للقادة، وقيل: أولاهم الذين يدخلون النار أولاً وأخراهم الذين يدخلون آخراً { هؤلاء أضلونا } يعني هؤلاء القادة الرؤساء ومن شرع الضلال دعونا إلى الضلال، وقيل: منعونا من اتباع الحق { فآتهم } أي فاعطهم { ضعفاً } من النار { قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون } أي كل واحد لا يعلم ما بصاحبه من العذاب وقالت أولاهم القادة لأخراهم الاتباع جواباً لهم: { فما كان لكم علينا من فضل } لأنكم كفرتم كما كفرنا، قوله تعالى: { واستكبروا عنها } ، قيل: عن القرآن، وقيل: هو عام { لا تفتح لهم أبواب السماء } ، قيل: انه يفتح لروح المؤمن ولا يفتح لروح الكافر، وقيل: لا تفتح لدعائهم وأعمالهم، وقيل: لا تصعد بها الملائكة لأن أرواحهم وكتبهم في سجين { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمِّ الخياط } ، قيل: حتى يدخل الجمل في ثقب الابرة وهذا مثل للبعد، والخياط المخيط الإِبرة ذكره الثعلبي، قال الشاعر:
إذا شاب الغراب أتيت أهلي
وصار القار كاللبن الحليب
{ لهم من جهنم مهاد } يعني فراش من النار { ومن فوقهم غواش } ظلل منها، وقيل: الغواش اللحف { وكذلك نجزي الظالمين } الذين ظلموا أنفسهم بالمعاصي وغيرها.