{ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } يعني الأسماء التي يفيد المدح كعالم وقادر وحي وقديم وإله وسميع وبصير، وروي في الثعلبي: أن رجلاً دعا في صلاته الرحمن فقال رجل من مشركي مكة: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً، فما بال هذا يدعو ربين؟ فأنزل الله: { ولله الأسماء الحسنى } هي الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام ونحوها، وروي فيه أيضاً: أن لله تسعة وتسعين اسماً من حفظها كلها دخل الجنة { وذروا الذين يلحدون في أسمائه } يميلون عن الحق والصواب بتسميتهم الأوثان آلهة، وعن ابن عباس: يكذبون { وممن خلقنا أمة يهدون بالحق } ، قيل: يهدون إلى الرشد، وقيل: يهدون به { وبه يعدلون } ، أي بالحق يميلون، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " هي لأُمتي بالحق يأخذون وبالحق يعطون " ، وقيل: هم مؤمنو أهل الكتاب، وقيل: هم الأنصار، وقيل: هم العلماء والأتقياء في كل عصر { والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } نزلت في المستهزئين أهلكهم الله تعالى جميعاً، ومعنى استدراجهم من حيث لا يعلمون بأخذهم من أي طريق سلكوها حتى لا يفوت منهم أحد { وأملي لهم } أي أمهلهم ولا أعاجلهم بالعقاب { إن كيدي متين } أي عذابي شديد { أو لم يتفكروا ما بصاحبهم } وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { من جنة } من جنون لأنهم قالوا: شاعر مجنون { إن هو إلاَّ نذير مبين } مخوف { أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله } فيهما { من شيء } يعني فيما يدلان عليه من عظم الملك، والملكوت الملك العظيم، فيعلمون أن من قدر على ذلك مع عجائب صفته قدر على البعث، ويتدبروا فيما خلق الله تعالى { وان عسى أن يكون قد اقترب أجلهم } فيهلكون { فبأي حديث بعده } أي بعد القرآن { يؤمنون } يصدقون لا حديث ينزل بعد القرآن { من يضلل الله فلا هادي له } قيل: من يحكم بضلالته بعد هذا البيان فلا أحد يحكم بهدايته، { يسألونك عن الساعة } الآية نزلت في اليهود قالوا: يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبياً فانا نعلم متى هي وكان ذلك امتحاناً منهم مع علمهم أن الله تعالى قد استأثر بعلمها، وقيل: السائلون قريش { أيان مرساها } يعني متى ومنه قول الزاجر:
أيان تقضى حاجتي أيانا
مرساها أي بناؤها، وقال ابن عباس: منتهاها، وقيل: قيامها { قل } يا محمد { إنما علمها عند ربي } استؤثر بعلمها { لا يجليها } يطهرها ويكشفها { إلاَّ هو ثقلت في السموات والأرض } يعني ثقلت واشتدت على أهل السموات والأرض لخفائها، وقيل: عظم وصفها على أهل السموات والأرض انتثار النجوم وتكوير الشمس { لا تأتيكم إلاَّ بغتة } فجأة على غفلة { يسألونك كأنك حفيّ عنها } أي عالم بها { قل } يا محمد { إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون } أن علمها عند الله حين سألوا محمداً عما لم يطلعه.